جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
257851 مشاهدة print word pdf
line-top
الاغتسال في الحمام

قوله: [وفي الحمام إن أمن الوقوع في المحرم] نص عليه. لما روي عن ابن عباس أنه دخل حماما كان بالجحفة. وعن أبي ذر نعم البيت الحمام يذهب الدرن، ويذكر بالنار.
[فإن خيف كره] خشية المحظور. وروى ابن أبي شيبة في مصنفه عن علي و ابن عمر - رضي الله عنهما- بئس البيت الحمام يبدي العورة، ويذهب الحياء .
[وإن غيم حرم] لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.


الشرح: الحمام هو البيت الذي يكون في جوف الأرض، وفيه ماء حار، وهو يكثر في البلاد الباردة كالشام ونحوه، وكان في الزمن الأول يكون مظلما، جث لا يوجد فيه هواء، توقد معه السرج، فيبقى شديد الظلمة، فكانوا يكشفون فيه العورات، وكثيرا ما يجتمع فيه العراة، فلذلك كرهه كثير من السلف؛ لأن كشف العورة أمام الناس حرام، وكذا النظر إلى عورات غيره، وهذا هو المحرم الذي ذكره صاحب المتن، أي أنه يباح الاغتسال في الحمام إذا أمن الوقوع في فاحشة الزنا واللواط، فإذا أمن من مثل هذه المحرمات جاز دخوله، لما فيه من إزالة الأوساخ، وتنشيط البدن، والخدمة الحسنة، فقد روى ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس أنه دخل حمام الجحفة، أي التي هي ميقات أهل الشام، وكأن هذا الحمام عمله أهل الشام لأنهم اعتادوا الحمامات للاغتسال في بلادهم، فعملوا هذا الحمام في ميقاتهم للإحرام، وقد زال أثره الآن، وأقيم في الميقات مراحيض ودورات مياه نظيفة لمن أراد الإحرام منها.
وروى ابن أبي شيبة أيضا عن أبي الدرداء أنه كان يدخل الحمام ويقول: نعم البيت الحمام، يذهب الضبية- يعني الوسخ- ويذكر بالنار، ثم روى عن أبي هريرة نحوه.
وروى قبل ذلك بباب عن الحسن و ابن سيرين أنهما كانا يكرهان دخول الحمام، وعن ابن عمر قال: لا تدخل الحمام فإنه مما أحدثوا من النعيم، وعن علي قال: بئس البيت الحمام.
وروى عبد الرزاق عن ابن عمر أنه كان لا يدخل الحمام ولا يطلي، ثم روى عنه وقيل له: مالك لا تدخل الحمام؟ فقال: إني أكره أن أرى عورة غيري.
وفي الباب آثار عن الصحابة وغيرهم.
أما إن علم أنه يقع لا المحرم كالفواحش، فلا يجوز دخوله، بل يحرم عليه الدخول الذي هو وسيلة إلى النظر إلى العورات، أو لمس ما لا يحل له، والوسائل لها أحكام المقاصد.
ثم إن اسم الحمام في هذه الأزمنة قد غلب على دورات المياه التي هي داخل البيوت، فصار الناس لا يعرفون اسم الحمام إلا هذه الدورات، واسمها في الأصل الكنف، والمراحيض، وبيوت الخلاء، لكن غلب عليها اسم الحمامات وأنه يقتحم فيها، أي يغتسل فيها، ويوجد بها السخانات الكهربائية، فتغني عن الحمامات القديمة.

line-bottom