إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
شفاء العليل شرح منار السبيل
218895 مشاهدة
الاستنجاء لكل خارج

قوله: [ويجب الاستنجاء لكل خارج [ وهو قول أكثر أهل العلم قاله في الشرح لقوله -صلى الله عليه وسلم- في المذي: يغسل ذكره ويتوضأ وقال: إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه .
[إلا الطاهر] كالمني، وكالريح، لأنها ليست نجسة، ولا تصحبها نجاسة، قاله في الشرح والكافي لحديث: من استنجى من الريح فليس منا . رواه الطبراني في المعجم الصغير .
قال أحمد ليس في الريح استنجاء في كتاب الله ولا في سنة رسوله.


الشرح: الخارج من السبيلين إما أن يكون معتادا أو غير معتاد:
فالمعتاد هو البول، والغائط، والمذي، والمني، فهذا خارج معتاد.
وغير المعتاد هو أن يخرج من الفرج دود مثلا، أو حجر يابس، فإن هذا خارج غير معتاد.
فالمعتاد يجب أن يستنجي بعده، فيستعمل الماء أو الحجارة.
وغير المعتاد إن كان طاهرا فلا حاجة إلى الاستنجاء بعده، فإن كان نجسا فإنه يستنجي بعده.
فالطاهر مثلا كالولد، فإن المرأة إذا ولدت فإن ولدها طاهر، فلو لم يكن هناك دم مع الولادة فلا حاجة بها إلى الاستنجاء بعد خروج الولد.
ومن الطاهر أيضا: المني، فخروجه لا ينجس، أي خروجه في اليقظة بلا شهوة ولا دفق، بحيث لا يوجب الغسل، ففي هذه الحال لا يجب له الاستنجاء ولا الوضوء، هذا على المذهب وقد ذهب الجمهور إلى أنه يوجب الوضوء؛ لأن كل خارج من السبيلين فإنه ناقض وإن لم يوجب الغسل .
فالدود ناقض للوضوء عندهم، ولكن لكونه يابسة فإنه لا حاجة إلى الاستنجاء بعده، وكذلك الحجر ونحوه.
وكذلك الريح لا يستنجى من خروجها، وذلك لأن الاستنجاء إنما يكون لإزالة الأثر، والريح لا أثر لها يبقى.
وأما حديث: من استنجى من الريح فليس منا فهو ضعيف .