القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
268287 مشاهدة print word pdf
line-top
الاقتصاد وعدم الإسراف في ماء الوضوء

قوله: [ويسن الوضوء بمد، وهو رطل وثلث بالعراقي، وأوقيتان وأربعة أسباع بالقدسي، والاغتسال بصاع، وهو خمسة أرطال وثلث بالعراقي، وعشر أواق وسبعان بالقدسي] لحديث أنس -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ويتوضأ بالمد متفق عليه .


الشرح: المد هو ربع الصاع، فالصاع يساوي أربعة أمداد، والمد يساوي رطلا وثلثا بالرطل العراقي، فيكون الصاع إذا خمسة أرطال وثلثا بالرطل العراقي، قال النووي (هذا هو الصواب المشهور) . قوله: [ويكره الإسراف] لما روى ابن ماجه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بسعد وهو يتوضأ فقال: ما هذا السرف ؟ فقال: أفي الوضوء إسراف؟ قال نعم، وإن كنت على نهر جار .


الشرح: قال الشوكاني - رحمه الله- (قد أجمع العلماء على النهي عن الإسراف في الماء ولو كان على شاطئ النهر) ومما يدل لهذا الآيات القرآنية الكثيرة التي وردت في ذم الإسراف، كقوله تعالى: إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ وقوله تعالى: إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وغيرهما من الآيات.
و الإسراف في الوضوء له عدة مظاهر:
1- أن يتجاوز في غسل أعضائه الحد الشرعي وهو ثلاث غسلات لكل عضو إلا الرأس.
2- أن يتكاسل أثناء وضوئه ويتباطأ حتى يصرف مقدارا كبيرا من الماء قبل أن يفرغ من وضوئه.
3- أن يبالغ في الغسلة الواحدة فيأخذ لها ماء كثيرا جدا إن كان يتوضأ من الإناء، أو يبقي يديه تحت الصنبور وقتا طويلا في كل غسلة.
وأما السرف في الغسل فله مثالان:
1- أن يتجاز الحد الشرعي للغسل الكامل، فلا يكتفي بغسلة واحدة.
2- أن يبقى طويلا تحت الماء فيهدر كما هائلا منه دون أن يشعر بذلك.
فالحاصل أن المسلم ينبغي عليه أن يعتدل في وضوئه وفي غسله بأن لا يتجاوز به الحد الشرعي، ولا ينقصه عن الواجب، بل كما قال تعالى: وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا قال الشوكاني - رحمه الله- (القدر المجزئ من الغسل ما يحصل به تعميم البدن على الوجه المعتبر، وسواء كان صاعا أو أقل أو أكثر، ما لم يبلغ في النقصان إلى مقدار لا يسمى مستعملة مغتسلا، أو إلى مقدار في الزيادة يدخل فاعله في حد الإسراف، وهكذا الوضوء القدر المجزئ منه ما يحصل به غسل أعضاء الوضوء، سواء كان مدا أو أقل أو أكثر، ما لم يبلغ في الزيادة إلى حد السرف، أو النقصان، إلى حد لا يحصل به الواجب) .

line-bottom