إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شفاء العليل شرح منار السبيل
216651 مشاهدة
حكم النفاس إذا وضعت المرأة ما قد تبين فيه خلق الإنسان

قوله: [ويثبت حكمه بوضع ما يتبين فيه خلق إنسان] ولو خفيا، وأقل ما يتبين فيه إحدى وثمانون يوما . وغالبه ثلاثة أشهر. قاله المجد و ابن تميم و ابن حمدان وغيرهم .


الشرح: يثبت حكم النفاس إذا وضعت المرأة ما قد تبين فيه خلق الإنسان
والمرأة كما هو معلوم قد تسقط حملها، إما بأن تحمل شيئا ثقيلا فيسقط الذي في بطنها، وإما أن تذهب إلى الأطباء ثم يخرجون ما انعقد في بطنها من الجنين، وهو ما يسمى بالتنظيف.
فنقول: إذا كان ذلك الجنين الذي خرج قد تبين فيه خلق الإنسان، فإن الدم الذي يكون بعده دم نفاس، فتترك له الصلاة ولو وصل إلى الأربعين.
فإن لم يتميز فيما خرج خلق الإنسان، وإنما كان مضغة أو لحما متجمدا، ولم يتبين فيه تفاصيل خلق الإنسان، فلا حكم لذلك، بل نعتبره حيضا أو دم فساد.
وقد اختلف في أقل مدة يتبين فيها خلق الإنسان، فاختار الشارح هنا أن أقله أحد وثمانون يوما ، يعني ثلاثة أشهر إلا تسعة أيام.
وحجة هذا القول الحديث المشهور الذي رواه ابن مسعود، وفيه إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن خلق الإنسان في بطن أمه يكون أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك .
فابتداء المضغة يكون في اليوم الحادي والثمانين؛ لأن الثمانين الأولى تكون نطفة ثم علقة.
ثم في الأربعين الثالثة أو بعد تمامها ينفخ فيه الروح، فتبدأ فيه الحركة، فمن اعتبر أن اليوم الحادي والثمانين هو مبدأ التكوين الثالث،وهو انتقاله من كونه علقة إلى كونه مضغة، والمضغة بلا شك يبدأ فيها التكوين، فإنه إذا وضع في تلك الحال اعتبر له حكم المولود.
ومنهم من قال بأنه في هذه المدة لم يتم تكوينه، ولا يتم إلا بعد تمام الأربعين الثالثة التي هي تمام أربعة أشهر، واعتبر ما قبل ذلك غير متخلق.
لكننا نشاهد أن المرأة قد تضع بعد ثلاثة أشهر أو نحوها ما قد يتبين فيه خلق الإنسان، ولو لم يكن عرضه إلا كعرض الإصبع أو الإصبعين.
فيتبين فيه صورة الرأس ، وصورة تفاصيل القدمين، وإن كانتا لم تزالا مشتبكتين.
فإذا تبين في المولود خلق الإنسان فإن دمها النازل بعده يعتبر دم نفاس، فتجلس مدته.
أما إذا سقط قبل أن يتبين فيه خلق الإنسان، أي قبل تمام الأربعين الثانية، فلا تعتبره دم نفاس.