لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
234994 مشاهدة
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)

كتــاب البيـــوع


كتاب البيوع
جعل الفقهاء قسم المعاملات بعد قسم العبادات، وقالوا: لأن الإنسان يحتاج إلى أن يقتات وأن يتكسب وأن يحصل على ما يغني به نفسه من المال الحلال، فلا بد أن يعرف كيفية التكسب، فجعلوا في هذا القسم البيع والإجارات والرهون والوكالات والشركات والودائع والهبات والأوقاف والوصايا والمواريث، فكل هذه الأمور جعلوها في هذا القسم حتى يتسنى للإنسان معرفة كيفية التكسب.
ولم يحتاجوا إلى معرفة أحكام الحِرَف وأنواعها؛ وذلك لأن الحرف غير منحصرة، وتعلمها يكون بالفعل وبالدراسة، ولم يحتاجوا إلى ذكر أحكامها؛ لأن الأصل فيها الحل، فالإنسان يتعلم الحرف كالبناء والغرس والعمل في المباني، وكذلك يتعلم الحرف اليدوية مع كثرتها كالحدادة والنجارة والهندسة وما أشبه ذلك، فهذه تتعلم بالفعل، ويحتاج الذي يتعلمها إلى دراسة أو ما أشبهها.
أما المبايعات والمعاملات فإنها تحتاج إلى معرفة أحكامها، فلأجل ذلك تعرض لها الشرع.
تعريف البيع
البيع في اللغة هو: أخذ شيء وإعطاء شيء.
وفي الشرع: قالوا- كما في زاد المستقنع- هو: مبادلة مال ولو في الذمة أو منفعة مباحة كممر بمثل أحدهما على التأبيد غير ربا وقرض.
فقوله: (مبادلة مال)، أي: أخذ مال بدل مال، وقوله: (أو منفعة مباحة) في كل حال، وقوله: (بمثل أحدهما)، أي: منفعة بمال أو منفعة بمنفعة، وقوله: (على التأبيد): فيخرج بذلك القرض أو العارية، وقوله: (غير ربا وقرض) لأنهما لا يسميان بيعًا.
صور البيع
ذكروا للبيع في شرح الزاد تسع صور، وذلك لأن المبادلة: إما أن تكون على عين أو على دين أو على منفعة، والثلاثة تضرب في ثلاثة فتكون تسعة، وتفصيلها:
أولا: عينا بعين: كهذه الشاة بهذه الدراهم، وعينا بدين: كهذه الشاة بمائة في الذمة، وعينا بمنفعة: كهذه الشاة ببناء جدار، فهذه العين بثلاثة.
ثانيًا: دين بعين، دين بدين، دين بمنفعة.
ثالثا: منفعة بعين، منفعة بدين، منفعة بمنفعة.
أصبحت تسع صور، وتمثيلها ظاهر إذا عرفت أن الدين هو الذي يلتزم في الذمة غير معين، وأن العين هو المعين الذي يشار إليه، فإذا قلت: هذا الكتاب بهذا الريال، فهو عين بعين، وإذا قلت: هذا الكتاب بخمسة في الذمة، فهو عين بدين، وإذا قلت: أشتري منك كتابا في ذمتك بعشرة في ذمتي، فهو دين بدين، ولكن ورد النهي عن بيع الدين بالدين، فلا بد أن يحل أحدهما قبل التفرق، وإذا قلت: هذا الكيس بحفر هذه البئر، فهو عين بمنفعة، أو حفر هذا البئر بخياطة هذا الثوب، فيكون منفعة بمنفعة، هذه هي أنواع المبايعات.