الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
204542 مشاهدة
مسألة الرد

وإذا كانت الفروض أقل من المسألة، ولم يكن معهم عاصب: رد الفاضل على كل ذي فرض بقدر فرضه.



قوله: (وإذا كانت الفروض أقل من المسألة ... إلخ ):
بعدما ذكر هذه الفروض وما يعول منها ذكر بعد ذلك ضد العول الذي هو الرد، فهو زيادة في الأنصبة؛ نقص في السهام، ويكون الرد إذا كانت الفروض أقل من المسألة ولم يكن هناك عاصب، فإن الباقي يرد على أصحاب الفروض كل واحد بقدر فرضه، هذا هو الرد.
فإن كان أصحاب الفروض صنفًا واحدًا قسم على عدد رءوسهم، وإن كانوا فردًا واحدًا أخذ المال كله، وإن كانوا صنفين أو أكثر جعلت سهامهم كأصل المسألة وأعطي كل منهم بقدر سهامه من المال.
ويتضح ذلك بالأمثلة: فإذا كان عندنا أم وليس للميت غير هذه الأم أخذت المال كله فرضًا وردًّا، فلها الثلث فرضًا، وتأخذ الباقي ردًّا.
فإن كان عندنا جدتان، أي: ليس للميت إلا جدتان فإنهما تأخذان المال كله فرضا وردًّا؛ وذلك لأن إرثهما السدس، ولكن لم يوجد للميت عصبة ولا أحد يرثه غير الجدتين، فيقسم المال بينهما.
وكذلك لو كان للميت أخ من الأم ليس له غيره فإنه يأخذ المال كله فرضًا وردًّا، فإن كان إخوته من الأم عشرة وليس له قرابة غيرهم قسمنا المال بينهم على عدد رءوسهم وسميناه فرضًا وردًّا، هذا إذا كان الوارث صنفًا واحدًا.
فإن كان أكثر من صنف فإنك تجمع سهامهم وتجعلها هي أصل المسألة وتقسم المال عليهم، فمثلاً إذا كان عندنا جدة وأخ من أم، فالجدة لها السدس، والأخ لأم له السدس فيأخذان السدسين، فنقسم المال بينهما فالجدة لها النصف، وللأخ النصف، فقسمنا التركة سهمين.
فإن كان بدل الجدة أم وأخ من أم، فالأم لها الثلث، اثنان من ستة، والأخ له السدس، واحد من ستة، فلم نجد إلا ثلاثة أسهم، فنقسم المال بينهما على ثلاثة أسهم، فاللأم الثلثان بدل الثلث، وللأخ الثلث بدل السدس، هذه هي مسألة الردّ.
كذلك لو كان عندنا بنت وبنت ابن فقط، وليس للميت ورثة غيرهما، ففرض البنت النصف، ثلاثة من ستة، وفرض بنت الابن السدس تكملة الثلثين، فالجميع أربعة، نقسم التركة على أربعة، فبنت الابن تأخذ الربع، والبنت تأخذ ثلاثة الأرباع؛ حيث لم يكن هناك وارث غيرهما.
كذلك لو وجدنا بنتين وأمًّا فقط، فالبنتان لهما الثلثان، والأم لها السدس، فنقسم المال على خمس، فللبنتين أربعة الأخماس، وللأم الخمس، فهذا ما يسمى بالردّ.
وأكثر الفقهاء قالوا: الزوج والزوجة لا يردّ عليهما، ولكن السعدي -رحمه الله- كأنه يختار الردّ عليهما، واختار ذلك في غير هذا الكتاب، فصرح بأن الزوج يدخل عليه العول وكذلك يدخل عليه الردّ.