شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
279250 مشاهدة print word pdf
line-top
اليمين الغموس

ولا بد أن تكون اليمين الموجبة للكفارة على أمر مستقبل.
فإن كانت على ماض- وهو كاذب عالمًا- فهي اليمين الغموس


قوله: (ولا بد أن تكون اليمين الموجبة للكفارة على أمر مستقبل، فإن كانت على ماض... إلخ):
الحلف: إما أن يكون على أمر ماض أو على أمر مستقبل، فإن كان على أمر مستقبل، كأن يقول: والله لأشترين كذا أو لأفعلن كذا ولم يفعل فعليه الكفارة، وسيأتينا إن شاء الله بيانها.
أما إذا كان الحلف على أمر مستقبل، كأن يقول: والله ما قتلت فلانًا، فهذا حلف على أمر ماض، فإذا كان كاذبًا، يعني هو: الذي قتله، فإنها تسمى اليمين الغموس؛ لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار، ولا كفارة فيها، ولو كفرها بصيام الدهر كله، أو كفرها بالصدقة بماله كله لم تكفر، ويؤمر بالتوبة الصادقة.
وهكذا لو حلف وقال: والله ما أخذت مال فلان وهو كاذب، أو قال: والله ما أعرف فلانا وهو يعرفه، فكل هذا من اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في النار والعياذ بالله.
فالحاصل: أن الحلف على أمر مستقبل هو الذي فيه الكفارة إذا لم يأت به، أما الحلف على أمر قد مضى كذبًا فهذا يسمى اليمين الغموس وليس فيها كفارة؛ باب تجب فيها التوبة الصادقة.

line-bottom