الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
235003 مشاهدة
تعريف البيع وبيان صوره

كتــاب البيـــوع


كتاب البيوع
جعل الفقهاء قسم المعاملات بعد قسم العبادات، وقالوا: لأن الإنسان يحتاج إلى أن يقتات وأن يتكسب وأن يحصل على ما يغني به نفسه من المال الحلال، فلا بد أن يعرف كيفية التكسب، فجعلوا في هذا القسم البيع والإجارات والرهون والوكالات والشركات والودائع والهبات والأوقاف والوصايا والمواريث، فكل هذه الأمور جعلوها في هذا القسم حتى يتسنى للإنسان معرفة كيفية التكسب.
ولم يحتاجوا إلى معرفة أحكام الحِرَف وأنواعها؛ وذلك لأن الحرف غير منحصرة، وتعلمها يكون بالفعل وبالدراسة، ولم يحتاجوا إلى ذكر أحكامها؛ لأن الأصل فيها الحل، فالإنسان يتعلم الحرف كالبناء والغرس والعمل في المباني، وكذلك يتعلم الحرف اليدوية مع كثرتها كالحدادة والنجارة والهندسة وما أشبه ذلك، فهذه تتعلم بالفعل، ويحتاج الذي يتعلمها إلى دراسة أو ما أشبهها.
أما المبايعات والمعاملات فإنها تحتاج إلى معرفة أحكامها، فلأجل ذلك تعرض لها الشرع.
تعريف البيع
البيع في اللغة هو: أخذ شيء وإعطاء شيء.
وفي الشرع: قالوا- كما في زاد المستقنع- هو: مبادلة مال ولو في الذمة أو منفعة مباحة كممر بمثل أحدهما على التأبيد غير ربا وقرض.
فقوله: (مبادلة مال)، أي: أخذ مال بدل مال، وقوله: (أو منفعة مباحة) في كل حال، وقوله: (بمثل أحدهما)، أي: منفعة بمال أو منفعة بمنفعة، وقوله: (على التأبيد): فيخرج بذلك القرض أو العارية، وقوله: (غير ربا وقرض) لأنهما لا يسميان بيعًا.
صور البيع
ذكروا للبيع في شرح الزاد تسع صور، وذلك لأن المبادلة: إما أن تكون على عين أو على دين أو على منفعة، والثلاثة تضرب في ثلاثة فتكون تسعة، وتفصيلها:
أولا: عينا بعين: كهذه الشاة بهذه الدراهم، وعينا بدين: كهذه الشاة بمائة في الذمة، وعينا بمنفعة: كهذه الشاة ببناء جدار، فهذه العين بثلاثة.
ثانيًا: دين بعين، دين بدين، دين بمنفعة.
ثالثا: منفعة بعين، منفعة بدين، منفعة بمنفعة.
أصبحت تسع صور، وتمثيلها ظاهر إذا عرفت أن الدين هو الذي يلتزم في الذمة غير معين، وأن العين هو المعين الذي يشار إليه، فإذا قلت: هذا الكتاب بهذا الريال، فهو عين بعين، وإذا قلت: هذا الكتاب بخمسة في الذمة، فهو عين بدين، وإذا قلت: أشتري منك كتابا في ذمتك بعشرة في ذمتي، فهو دين بدين، ولكن ورد النهي عن بيع الدين بالدين، فلا بد أن يحل أحدهما قبل التفرق، وإذا قلت: هذا الكيس بحفر هذه البئر، فهو عين بمنفعة، أو حفر هذا البئر بخياطة هذا الثوب، فيكون منفعة بمنفعة، هذه هي أنواع المبايعات.