إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
206264 مشاهدة
كيفية اختيار الزوجة

وقال صلى الله عليه وسلم: تنكح المرأة لأربع: لمالها، وحسبها، وجمالها، ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يمينك متفق عليه .
وينبغي أن يتخير ذات الدين والحسب، الودود، الولود الحسيبة.


قوله: (وقال صلى الله عليه وسلم: تنكح المرأة لأربع: لمالها،وحسبها، وجمالها، ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يمينك ):
المعنى: أن الناس غالبا لا يدفعهم للمرأة إلا أربع صفات:
الصفة الأولى: المال: يعني تارة يقول: هذه امرأة ثرية وعندها مال فأنا أتزوجها حتى أتوسع بمالها وحتى تنفق علي وتنفق على أولادي، وإذا ماتت ورثتها أو ورث أولادي منها، فأنا أرغبها لأجل المال. ولكن يكره هذا المقصد؛ لأنها ربما تمن عليه، وربما تتبرم من صحبته وتذكره دائما وتقول: أنا صاحبة الفضل عليك، أنا التي دفعت لك، أنا التي اشتريت لك، أنا التي أنقذتك من الجوع، أنا التي فعلت بك وفعلت، فيُكره أن يتزوجها لأجل المال.
الصفة الثانية: الحسب: وهو: الشرف، يعني: شريفة الآباء والأجداد والأسرة والقبيلة من أناس كرماء، ومن أناس نجباء، ومن أناس شجعان أقوياء، لهم مكانة وشهرة، ولهم سطوة، وهذه أيضا قد تمن عليه وتقول: أنت خامل الذكر أنا التي رفعت مكانتك، أنا التي شرفت أولادك، أنا بنت الشريف فلان، أو بنت الأمير، أو بنت الشجاع، وما أشبه ذلك.
فإذا تزوجها لأجل الحسب ولأجل شرف الآباء والأجداد فإن هذا مقصد ليس بشريف، لكن إذا كان هو ذا شرف وذا حسب، فإنهما يتقابلان.
الصفة الثالثة: الجمال: يعني: حسنها وحسن خلقتها وحسن بنيتها وحسن

مشيتها، والجمال كثيرًا ما يكون دافعًا للإنسان ؛ وذلك لأنها إذا كانت جميلة فإنه ينفعه جمالها، يعني: إذا نظر إليها سرته، وإذا نظر إليها أعفته فهذا مقصد حسن، ولكن لا ينبغي أن يكون هو المقصد الأساسي وحده.
الصفة الرابعة: الدِّين: وهو الأصل، فإذا كانت ذات دين يعني دينة، عابدة، تقية، نقية نزيهة، ورعة، بعيدة عن التهم، بعيدة عن الفواحش والمنكرات، تحفظ نفسها، وتحفظ لسانها، وتحفظ بيتها، وتصلي صلواتها، وتؤدي حقوق الله وتؤدي حقوق زوجها، فهذه عادة تكون أمينة، ولذلك قال: فاظفر بذات الدين تربت يداك .
قوله: (وينبغي أن يتخير ذات،الدين، والحسب، الودود، الولود الحسيبة):
و(الحسب) كما قلنا هو: الشرف، يعني: حتى يكون شرفهًا شرفًا لأولاده.
و(الودود): يعني: المتحببة إلى زوجها، يقول صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم .
و(الولود): هي التي تكون من نساء يعرفن بكثرة الولادة، يعني: أمها وجدات أمها وأخواتها وخالاتها معروفات أنهن كثيرات الأولاد، بخلاف ما إذا خيف أنها عاقر أو لا تلد إلا في كل أربع سنين أو ست سنين، وذلك بمعرفة قريباتها أو نحو ذلك، فينبغني أن تكون ولودا؛ لقوله: فإني مكاثر بكم الأمم يحثهم على أن يتكاثروا ويكثروا نسلهم، حتى تكون أمته أكثر من غيره.