الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
279262 مشاهدة print word pdf
line-top
ما يصح به الرهن

فالرهن: يصح بكل عين يصح بيعها.
فتبقى أمانة عند المرتهن، لا يضمنها، إلا إن تعدى أو فرط، كسائر الأمانات. فإن حصل الوفاء التام انفك الرهن وإن لم يحصل، وطلب صاحب الحق بيع الرهن وجب بيعه والوفاء من ثمنه، وما بقي من الثمن بعد وفاء الحق فلربه، وإن بقي من الدين شيء، يبقى دينا مرسلا بلا رهن.


أولا: الرهن:
قوله ( فالرهن: يصح بكل عين يصح بيعها فتبقى أمانة عند المرتهن... إلخ):
فيخرج ما لا يصح بيعه، فإنه لا يكون وثيقة، فمثلا في باب العتق: أم الولد لا يصح بيعها، فإذا كان لديه أمة وقد وطئها وولدت منه، فأصبحت أم ولد يستخدمها، ولكنه لا يقدر على بيعها، فلا تصح رهنا، لأن الرهن لا بد أن يباع عند تأخر الدين، وأم الولد لا يصح بيعها، وكذلك إذا كانت العين لا يصح بيعها لكونها محرمة كالخمر والأصنام التي لا يصح بيعها، أما إذا كان يصح بيعها فإنه يصح رهنها.
قوله (فتبقى أمانة عند المرتهن... إلخ):
أي: أن الرهن تبقى أمانة عند المرتهن؛ لقوله تعالى: فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ البقرة: 283 فيقول: خذ هذا السيف رهنا، تمسكه أنت على صاحب الدين، فيكون أمانة عندك، فإن سرق لم تضمنه إذا لم تفرط، أو مثلا عنده لك خمسمائة من الريالات، فأعطاك خمسة أكياس من البر رهينة، فهذه لو قدر أنها احترقت أو سرقت، فلا تضمنها؛ لأنها أمانة عندك وأنت ما فرطت.
فالرهن أمانة عند المرتهن لا يضمنها إلا إن تعدى أو فرط، والفرق بين التعدي والتفريط: أن التعدي الاستعمال، والتفريط الإهمال، فمثلا إن ترك الباب مفتوحا وجاءت الدواب وأكلت الأكياس وأكلت البر، فيضمن؛ لأنه فرط؛ لأنه كان عليه أن يحفظها، وكذا لو أن الرهن ثوب ثم لبسه، ولما لبسه اخلولق فيضمنه، أو مثلا الرهن بعير أو سيارة، ثم إنه شغلها أو حمل عليها فتعطلت أو انقلبت أو احترقت أو مات البعير بسبب حمله عليه، فيكون قد تعدى فيضمن.
أما إذا حفظها في مثل حرزها ولم يتعد ولم يفرط وتلفت؛ فإنه لا يضمن كسائر الأمانات.
قوله (فإن حصل الوفاء التام انفك الرهن، وإن لم يحصل،... إلخ):
يعني: إذا جاءك وأوفاك حقك، وحل الدين، فأعطه سيفه أو أعطه كيسه، أما إذا حل الدين ولم يحصل الوفاء، فلك أن تقول: أعطني الدين، فقد حل أحله، فإن قال: ليس عندي، أو تمادى أو مطل، فإذا طلب المرتهن بيع الرهن وجب بيعه؛ لأنه ما حفظه إلا لأجل أن يحل له دينه عند حلول أجله، فيقول:
إن أعطيتني وإلا بعته، والأصل أن يعرضه على الحاكم أو القاضي ويبيعه الحاكم ويوفي الدين، فإذا باعه أوفى الدين من ثمنه، فإذا باع السيف- مثلا- بألف، والدين بخمسمائة، فالخمسمائة الباقية لصاحب السيف؛ لأنه ماله، وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: لا يغلق الرهن من صاحبهه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه وغنمه يعني: فائدته وبقية ثمنه، وغرمه، أي: نفقته أو خسارته، فإن بقي من الثمن شيء فلربه، وإن بقي من الدين شيء كأن يبيعه مثلا بأربعمائة وبقيت مائة، فالمائة تبقي في ذمة المدين بلا رهن.

line-bottom