إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
197777 مشاهدة
مسألة وضع الجوائح

ونهى عن بيع الحب حتى يشتد رواه أهل السنن .
وقال: لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ رواه مسلم .


قوله: ( ونهى عن بيع الحب حتى يشتد ):
ونهى عن بيع الحب حتى يشتد كالبر أو الشعير؛ وذلك لأنه قبل أن يشتد عرضة للفساد أو للظمأ، فقد يقصر في سقيه بعد أن يبيعه، ثم ينضب ويهلك أو يضمر ولا يبقى فيه إلا اليسير، فتحصل المنازعات.
قوله: (وقال: لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ ):
هذه المسألة اسمها مسألة: ( وضع الجوائح )، وقد اختلف فيها، وكثر الكلام عليها بين العلماء.
وصورتها: أنك إذا اشتريت تمر هذا النخل بعدما بدا صلاحه، فاشتريت عشر نخلات، وكل نخلة فيها- مثلا- اثنا عشر قنوا، وقد بدا صلاحه، وسلمت له الثمن، وتصرف في الثمن، ثم من القضاء والقدر جاء الجراد فأكله، أو جاء البرد فأسقطه، أو جاءت ريح فنسفته، أو جاءت صاعقة فأحرقته، يعني: أصابته آفة سماوية لا صنع لآدمي فيها .
ففي هذه الحال هل تسترجع دراهمك؟ أم تكون الدراهم له، وأنت تتحمل ذلك؟
ظاهر الحديث أنه يذهب على البائع: لو بعت من أخيك ثمرا، فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا أي: لا تأخذ من مال المشتري شيئا بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟!
فأنت يا صاحب البستان قد علمت أنك متعرض للأخطار، ففي بستانك مائة نخلة أصابتها هذه الجائحة كلها، وهذه العشر من جملتها، فتحمل؛ لأنك متحمل للأخطار، وأما هو فقد بذل لك دراهم على أن تحصل له هذه الثمرة، ولم تحصل له، فمقتضى هذا الحديث أنك ترد عليه دراهمه.
وذهب إلى ذلك الإمام أحمد ؛ ولأجل ذلك اختارها ابن سعدي على مذهب أحمد حيث أقر الحديث.
أما الأئمة الثلاثة فقالوا: إن البيع صحيح، فأنت قد بعته وسلمت له النخل وخليت بينه وبينه ليتصرف فيه، فجاء القدر فأتلفه، فهو يتحمل كما أنك تتحمل، فالمشتري هو الذي بذل الثمن وقد دخلت في ملكه حيث خليت بينه وبينه.
وقد رووا في ذلك حديثا: أن رجلا أصيب في ثمار اشتراها فكثر دينه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تصدقوا عليه، فتصدقوا عليه فلم يبلغ ما عنده، فقال لأصحاب الدين: خذوا ما وجدتم فليس لكم إلا ذلك .
ففي هذا الحديث أن رجلا اشترى ثمارا فأصيب فيها، ولم يضع النبي -صلى الله عليه وسلم- الجائحة، بل أمر الناس بأن يتصدقوا عليه، فدل على أنه يكون شريكا لصاحب النخل في هذه الثمار التي أصابته؛ لأن هذه مصيبة حصلت على البائع وحصلت على المشتري.
كذلك في حديث آخر أن رجلا باع ثمرة على إنسان، فأصابتها جائحة، فطلبوا منه أن يتسامح عنه، فحلف ألا يفعل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من ذا الذي يتألى ألا يفعل خيرا، فقال: أنا يا رسول الله، وله ما يريد .
فالحاصل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقل للبائع: ما لك شيء، بل طلب منه أن يسقطه، فيكون هذا الحديث: لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة محمول على بيعها قبل بدو الصلاح؛ لأنهم كانوا يتبايعون قبل أن يبدو الصلاح، ثم بعدما نهاهم استقر الأمر على أنه إذا باعها بعد بدو الصلاح دخلت في ملك المشتري، فلعل هذا هو الأقرب إذا خلى بينه وبينها.