إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
290494 مشاهدة print word pdf
line-top
تعريف اللعان وحكمه

وأما اللعان: فإذا رمى الرجل زوجته بالزنى فعليه حد القذف ثمانون جلدة إلا: أن يقيم البينة: أربعة شهود عدول، فيقام عليها الحد، أو يلاعن فيسقط عنه حد القذف.


ثالثا: اللعان
قوله: (وأما اللعان: فإذا رمى الرجل زوجته بالزنى فعليه حد القذف... إلخ):
اللعان هو: أن يرمي زوجته بفعل الفاحشة، يقول: إنها زانية أو قد زنت أو نحو ذلك، ذكروا أنه لما نزل قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً النور: 4 قال بعض الصحابة: إذا وجد أحدنا مع امرأته رجلاً فذهب ليأتي بأربعة شهداء فإن ذلك الفاجر يهرب ولا يقدر عليه فكيف نفعل؟ فكره النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك، ثم جاء رجل: وقال يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فكره النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه المسائل وعابها، ثم جاءه مرة وقال: إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به، فقال: إن الله قد أنزل فيك وفي صاحبتك قرآنا، فعند ذلك جاء الرجل وزوجته وتلاعنا، وقرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- عليهما الآيات من سورة النور .
فالحاصل أنه إذا قذف امرأته بالزنا ولم يأت ببينة ولم يلاعن فعليه حد القذف ثمانون جلدة، وذلك لأنه لما قذف امرأته وقال إني صادق قال النبي صلى الله عليه وسلم: البينة وإلا حد في ظهرك يعني: ثمانين جلدة، فإذا أقام البينة أربعة شهود وشهدوا

بأنهم رأوها تزني أقيم عليها الحد وهو الرجم، فإذا لم يجد شهودًا فلا بد من الملاعنة.

line-bottom