إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
235063 مشاهدة
الأشياء التي لا تصح فيها الوكالة

وما لا تدخله النيابة من الأمور التي تتعين على الإنسان وتتعلق ببدنه خاصة؛ كالصلاة، والطهارة، والحلف، والقسم بين الزوجات، ونحوها: لا تجوز الوكالة فيها.


قوله (وما لا تدخله النيابة، من الأمور التي تتعين على الإنسان وتتعلق... إلخ):
أما الأمور التي لا تدخلها النيابة فهي الأمور التي تتعين على الإنسان وتتعلق ببدنه خاصة كالصلاة والطهارة والحلف والقسم بين الزوجات ونحوها، فهذه لا تصح الوكالة فيها؛ وذلك لأنها تتعلق بالبدن أو تتعلق بالذمة، فلا يقول مثلا:
وكلتك أن تصلي عني؛ لأن الصلاة عبادة تتعلق بالبدن، ولا يصلي أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد، فهذه عبادات بدنية تتعلق ببدن المكلف، إن قدر عليها، وإلا سقطت، فلا يقول: وكلتك تصوم عني أو تصلي عني أو تتطهر عني. فإن هذا كله عبث لا يجوز.
والذين يقولون ذلك الغالب أنهم فسقة، يذكر بعض الإخوان أنه عندما يمر على بعض الفسقة ويقول: اذهبوا صلوا، فيردون عليه بقولهم: وكلناك أن تصلي عنا، وأنت بالنيابة عنا، فهؤلاء فسقة. وكذلك لا يصح أن يحلف أحد عن أحد؛ لأن الحلف يتعلق بالذمة، فلا يجوز لأحد أن يحلف، ويقول: أحلف عن فلان.
كذلك القسم بين الزوجات، فمعلوم أن من حقوق الزوجة على الزوج المؤانسة والمبيت عندها، فلا يصح أن يوكل من يبيت عند الزوجة، ولا من يطؤها؛ لأن هذا يحل حراما.