اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
205350 مشاهدة
التحجر والإقطاع

وإذا تحجر مواتا بأن أدار حوله أحجارا، أو حفر بئرا لم يصل إلى مائها، أو أقطع أرضا: فهو أحق بها، ولا يملكها حتى يحييها بما تقدم.


ثانيا: التحجر:
قوله: (وإذا تحجر مواتا: بأن أدار حوله أحجارا، أو حفر بئرا لم يصل إلى مائها):
التحجر هو: أن يبني جدارا قدر ذراع يحيطها بهذا الجدار؛ فيسمى هذا تحجرا ولا يسمى ملكا، وكذلك لو حفر فيها بئرا ولم يصل إلى الماء ولكنه حفر ثلاثة أمتار أو أربعة ثم توقف؛ يسمى متحجرا، وهو في هذه الحال أيضا أحق بها، وكذلك ورثته، وكذلك لو أدار حولها أحجارا فكل هذا يسمى تحجرا، ولكنه لا يملكها، فلا يتصرف فيها أو يبيعها، لكن له الأحقية ولوارثيه بعده الأحقية والأقدمية، فإن تركها جاز لغيره أن يحييها، ولو قال: أبيعها لم يملك بيعها؛ لأنه لم يتملكها.
ثالثا: الإقطاع:
قوله: (أو اقطع أرضا فهو أحق بها، ولا يملكها حتى يحييها بما تقدم):
الإقطاع يكون من الحاكم أو من الخليفة، وصفته: إذا كانت الأراضي بورا وخشي الحاكم أن يحصل فيها منافسة أو يحصل فيها شيء من المسابقات التي يحصل بها الضرر؛ فإنه يمنع إحياءها إلا بإذنه، فعندئذ من أراد منها شيئا فإنه يقدم الطلب على الإمام فيمنحه فتسمى منحته إقطاعا، يقال: أقطع الإمام فلانا أرضا زراعية، أو أقطعه أرضا سكنية بمعنى منحه وخول له، وهذا الإقطاع لا يملك به المقطع له الأرض حتى يحييها، ولكنه أحق بها، ولهذا يشترط عليه أنه يحييها- مثلا- في سنتين أو ثلاث سنوات؛ فإن لم يفعل وطلبها مستحق منحت للثاني، هذه صفة المنيحة أو المنحة أو الإقطاع، إذا أقطعه الإمام فهو أحق بهذه الأرض، ويحددها له ويعطيه بقدر حاجته واستطاعته؛ فإن كان قوتا وعنده إمكانيات أقطعه مثلا عشر كيلو مترات، وإن كان متوسطا أقطعه مثلا كيلو متر واحد أو نحو ذلك، وإن كان أقل من ذلك أقطعه مثلا مائة متر أو مائتين، وكل حسب حاله.
فالحاصل أن المقطع أحق بها، ولكن لا يملكها حتى يحييها.