تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
303899 مشاهدة print word pdf
line-top
التحجر والإقطاع

وإذا تحجر مواتا بأن أدار حوله أحجارا، أو حفر بئرا لم يصل إلى مائها، أو أقطع أرضا: فهو أحق بها، ولا يملكها حتى يحييها بما تقدم.


ثانيا: التحجر:
قوله: (وإذا تحجر مواتا: بأن أدار حوله أحجارا، أو حفر بئرا لم يصل إلى مائها):
التحجر هو: أن يبني جدارا قدر ذراع يحيطها بهذا الجدار؛ فيسمى هذا تحجرا ولا يسمى ملكا، وكذلك لو حفر فيها بئرا ولم يصل إلى الماء ولكنه حفر ثلاثة أمتار أو أربعة ثم توقف؛ يسمى متحجرا، وهو في هذه الحال أيضا أحق بها، وكذلك ورثته، وكذلك لو أدار حولها أحجارا فكل هذا يسمى تحجرا، ولكنه لا يملكها، فلا يتصرف فيها أو يبيعها، لكن له الأحقية ولوارثيه بعده الأحقية والأقدمية، فإن تركها جاز لغيره أن يحييها، ولو قال: أبيعها لم يملك بيعها؛ لأنه لم يتملكها.
ثالثا: الإقطاع:
قوله: (أو اقطع أرضا فهو أحق بها، ولا يملكها حتى يحييها بما تقدم):
الإقطاع يكون من الحاكم أو من الخليفة، وصفته: إذا كانت الأراضي بورا وخشي الحاكم أن يحصل فيها منافسة أو يحصل فيها شيء من المسابقات التي يحصل بها الضرر؛ فإنه يمنع إحياءها إلا بإذنه، فعندئذ من أراد منها شيئا فإنه يقدم الطلب على الإمام فيمنحه فتسمى منحته إقطاعا، يقال: أقطع الإمام فلانا أرضا زراعية، أو أقطعه أرضا سكنية بمعنى منحه وخول له، وهذا الإقطاع لا يملك به المقطع له الأرض حتى يحييها، ولكنه أحق بها، ولهذا يشترط عليه أنه يحييها- مثلا- في سنتين أو ثلاث سنوات؛ فإن لم يفعل وطلبها مستحق منحت للثاني، هذه صفة المنيحة أو المنحة أو الإقطاع، إذا أقطعه الإمام فهو أحق بهذه الأرض، ويحددها له ويعطيه بقدر حاجته واستطاعته؛ فإن كان قوتا وعنده إمكانيات أقطعه مثلا عشر كيلو مترات، وإن كان متوسطا أقطعه مثلا كيلو متر واحد أو نحو ذلك، وإن كان أقل من ذلك أقطعه مثلا مائة متر أو مائتين، وكل حسب حاله.
فالحاصل أن المقطع أحق بها، ولكن لا يملكها حتى يحييها.

line-bottom