إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
229041 مشاهدة
التحجر والإقطاع

وإذا تحجر مواتا بأن أدار حوله أحجارا، أو حفر بئرا لم يصل إلى مائها، أو أقطع أرضا: فهو أحق بها، ولا يملكها حتى يحييها بما تقدم.


ثانيا: التحجر:
قوله: (وإذا تحجر مواتا: بأن أدار حوله أحجارا، أو حفر بئرا لم يصل إلى مائها):
التحجر هو: أن يبني جدارا قدر ذراع يحيطها بهذا الجدار؛ فيسمى هذا تحجرا ولا يسمى ملكا، وكذلك لو حفر فيها بئرا ولم يصل إلى الماء ولكنه حفر ثلاثة أمتار أو أربعة ثم توقف؛ يسمى متحجرا، وهو في هذه الحال أيضا أحق بها، وكذلك ورثته، وكذلك لو أدار حولها أحجارا فكل هذا يسمى تحجرا، ولكنه لا يملكها، فلا يتصرف فيها أو يبيعها، لكن له الأحقية ولوارثيه بعده الأحقية والأقدمية، فإن تركها جاز لغيره أن يحييها، ولو قال: أبيعها لم يملك بيعها؛ لأنه لم يتملكها.
ثالثا: الإقطاع:
قوله: (أو اقطع أرضا فهو أحق بها، ولا يملكها حتى يحييها بما تقدم):
الإقطاع يكون من الحاكم أو من الخليفة، وصفته: إذا كانت الأراضي بورا وخشي الحاكم أن يحصل فيها منافسة أو يحصل فيها شيء من المسابقات التي يحصل بها الضرر؛ فإنه يمنع إحياءها إلا بإذنه، فعندئذ من أراد منها شيئا فإنه يقدم الطلب على الإمام فيمنحه فتسمى منحته إقطاعا، يقال: أقطع الإمام فلانا أرضا زراعية، أو أقطعه أرضا سكنية بمعنى منحه وخول له، وهذا الإقطاع لا يملك به المقطع له الأرض حتى يحييها، ولكنه أحق بها، ولهذا يشترط عليه أنه يحييها- مثلا- في سنتين أو ثلاث سنوات؛ فإن لم يفعل وطلبها مستحق منحت للثاني، هذه صفة المنيحة أو المنحة أو الإقطاع، إذا أقطعه الإمام فهو أحق بهذه الأرض، ويحددها له ويعطيه بقدر حاجته واستطاعته؛ فإن كان قوتا وعنده إمكانيات أقطعه مثلا عشر كيلو مترات، وإن كان متوسطا أقطعه مثلا كيلو متر واحد أو نحو ذلك، وإن كان أقل من ذلك أقطعه مثلا مائة متر أو مائتين، وكل حسب حاله.
فالحاصل أن المقطع أحق بها، ولكن لا يملكها حتى يحييها.