(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
279296 مشاهدة print word pdf
line-top
التحجر والإقطاع

وإذا تحجر مواتا بأن أدار حوله أحجارا، أو حفر بئرا لم يصل إلى مائها، أو أقطع أرضا: فهو أحق بها، ولا يملكها حتى يحييها بما تقدم.


ثانيا: التحجر:
قوله: (وإذا تحجر مواتا: بأن أدار حوله أحجارا، أو حفر بئرا لم يصل إلى مائها):
التحجر هو: أن يبني جدارا قدر ذراع يحيطها بهذا الجدار؛ فيسمى هذا تحجرا ولا يسمى ملكا، وكذلك لو حفر فيها بئرا ولم يصل إلى الماء ولكنه حفر ثلاثة أمتار أو أربعة ثم توقف؛ يسمى متحجرا، وهو في هذه الحال أيضا أحق بها، وكذلك ورثته، وكذلك لو أدار حولها أحجارا فكل هذا يسمى تحجرا، ولكنه لا يملكها، فلا يتصرف فيها أو يبيعها، لكن له الأحقية ولوارثيه بعده الأحقية والأقدمية، فإن تركها جاز لغيره أن يحييها، ولو قال: أبيعها لم يملك بيعها؛ لأنه لم يتملكها.
ثالثا: الإقطاع:
قوله: (أو اقطع أرضا فهو أحق بها، ولا يملكها حتى يحييها بما تقدم):
الإقطاع يكون من الحاكم أو من الخليفة، وصفته: إذا كانت الأراضي بورا وخشي الحاكم أن يحصل فيها منافسة أو يحصل فيها شيء من المسابقات التي يحصل بها الضرر؛ فإنه يمنع إحياءها إلا بإذنه، فعندئذ من أراد منها شيئا فإنه يقدم الطلب على الإمام فيمنحه فتسمى منحته إقطاعا، يقال: أقطع الإمام فلانا أرضا زراعية، أو أقطعه أرضا سكنية بمعنى منحه وخول له، وهذا الإقطاع لا يملك به المقطع له الأرض حتى يحييها، ولكنه أحق بها، ولهذا يشترط عليه أنه يحييها- مثلا- في سنتين أو ثلاث سنوات؛ فإن لم يفعل وطلبها مستحق منحت للثاني، هذه صفة المنيحة أو المنحة أو الإقطاع، إذا أقطعه الإمام فهو أحق بهذه الأرض، ويحددها له ويعطيه بقدر حاجته واستطاعته؛ فإن كان قوتا وعنده إمكانيات أقطعه مثلا عشر كيلو مترات، وإن كان متوسطا أقطعه مثلا كيلو متر واحد أو نحو ذلك، وإن كان أقل من ذلك أقطعه مثلا مائة متر أو مائتين، وكل حسب حاله.
فالحاصل أن المقطع أحق بها، ولكن لا يملكها حتى يحييها.

line-bottom