الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
257647 مشاهدة
إجارة الأجير العين المؤجرة لمن يقوم مقامه


وتجوز إجارة العين المؤجرة لمن يقوم مقامه لا بأكثر منه ضررا.


قوله: (وتجوز إجارة العين المؤجرة لمن يقوم مقامه، لا بأكثر منه ضررا):
صورة ذلك: إذا استأجرت سيارة لتحمل عليها ثلثمائة كيس من القمح، وكنت قد استأجرتها لمدة شهر وأنهيت عملك في عشرة أيام، فلك أن تؤجرها على من يحمل عليها مثل حملك ثلثمائة كيس أو أقل، لا على من هو أكثر منك؛ أربعمائة أو ثلاثمائة وخمسين أو ما أشبه ذلك؛ فلا يجوز.
كذلك إذا استأجرت هذه الشقة لمدة سنة وانتهيت منها في نصف السنة، فنصف السنة الباقي لك أن تؤجره، ولكن على من هو مثلك لا على من هو أكثر منك ضررا، فتؤجره على من يسكن، لا تؤجره مثلا على حداد أو على نجار أو على صاحب بقر؛ لأن مثل هؤلاء قد يحصل منهم الضرر أكثر، فلا يجوز لك هذا.
فالحاصل أنه يجوز أن يؤجرها على من هو مثله، لا على من هو أكثر منه ضررا، وهكذا يقال في بقية الأشياء التي تؤجر: الخيام والقدور والأواني وما أشبهها.