الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
206662 مشاهدة
أولى الناس بتزويج الحرة

وأولى الناس بتزويج الحرة أبوها وإن علا، ثم ابنها وإن نزل. ثم الأقرب فالأقرب من عصباتها.
وفي الحديث المتفق عليه: لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت .


قوله: (وأولى الناس بتزويج الحرة: أبوها وإن علا):
إذا عرفنا أنه لا بد من ولي فأولى الناس بولايتها الأب، ومعلوم أن الأب معه من الشفقة ما يحمله على أن يختار لها الكريم ولا يمنعها من الكفء، ولذلك يكون هو الولي ولا ولاية لأحد معه، بمعنى أنه إذا كان لها إخوة ولها أب، فالأب هو الذي يزوجها إلا أن يوكل أحدًا من الإخوة أو غيرهم.
وقوله: (وإن علا)، يدخل فيه الجد إذا كان جدها موجودًا، فإن الجد والد فله

أن يتولى تزويجها بدلا عن الأب، وليس لإخوتها مثلا ولا لغيرهم أن يزوجوها مع وجود الأب.
قوله: (ثم ابنها وإن نزل):
يعني: إذا لم يكن لها أب ولا جد فيزوجها ابنها فإنه أقرب،، وهذا عند الجمهور، أما الشافعية فلا يرون أن الابن يزوج أمه، كأنهم يستأنفون من ذلك، فيقولون: كيف يزوج الابن أمه؟ ولكن الصحيح أنه لا مانع من ذلك، ومعنى: (وإن نزل)، يعني: ابن الابن يزوج جدته.
قوله: (ثم الأقرب فالأقرب من عصباتها):
عرفنا القرابة في باب المواريث أن الأقرب بعد الأب وابنه، الأخ الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم ابن الأخ الشقيق، ثم ابن الأخ لأب، ثم العم الشقيق، ثم العم لأب، إلى آخر ما تقدم.
ولا يزوجها من ليس من العصبة، فلا يزوجها أخوها من الأم؛ لأنه من ذوي الأرحام، ولا يزوجها الخال، ولا يزوجها جدها أبو الأم، وذلك لأنه من ذوي الأرحام، فلو كان لها خال وأخ من الأم ولها ابن ابن ابن عم، فإن ابن العم يزوجها، ولو كان هو البعيد؛ لأنه من العصبة.
قوله: (وفي الحديث المتفق عليه: لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن إلخ):
يعني: إذا سكتت البكر فإن ذلك دليل على أنها رضيت، فأما إذا كانت كارهة وأعلنت الكراهية، أو أجلت وقالت: أمهلوني حتى أسأل أو حتى أصلي

صلاة الاستخارة مثلا، أو حتى استشير أو نحو ذلك.
أما إذا سكتت فإن ذلك دليل الرضى، والأولى أن تعاود بعد ذلك مرة بعد مرة حتى يتأكد من رضاها.
فإذا بكت مثلا أو تمعر وجهها أو أظهرت الكراهية أو ما أشبه ذلك فلا تزوج حتى يتحقق من موافقتها.