اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
197595 مشاهدة
خيار العيب

وإذا اشترى معيبا لم يعلم عيبه فله الخيار بين رده وإمساكه، فإن تعذر رده تعين أرشه.


خامسا: خيار العيب
قوله: (وإذا اشترى معيبا لم يعلم عيبه فله الخيار بين رده وإمساكه، فإن تعذر رده تعيين أرشه):
صورة ذلك: إن ظهر أن في الشاة عيبا، وهو كونها- مثلا- عوراء لم يفطن المشتري لها، أو كونها مريضة، ولم يفطن لها، أو ظهر- مثلا- أن البيت فيه عيب كتصدع بالحيطان أو السقف، ولم يفطن له المشتري، فهذا العيب يخول للمشتري أن يرده على البائع.
فيقول: خذ سلعتك ورد علي دراهمي؛ لأني وجدت فيها عيبا، فإذا قدر مثلا أن الرد متعذر لسبب من الأسباب كموت الشاة- مثلا- بسبب المرض عند المشتري، فالمشتري في هذه الحال له أن يطالب البائع بأرش العيب، فيقول: الشاة معيبة، وأنا اشتريتها بمائتين وتبين أن فيها عيبا، وهي بهذا العيب لا تساوي إلا مائة، أعطني الأرش.
والأرش هو: الفرق المالي بين قيمة الصحة والعيب، فقيمتها وهي صحيحة ليس فيها عيب مائتان وقيمتها وهي معيبة مائة، فيكون الأرش مائة يردها البائع على المشتري بعد أن ماتت.
وكذلك- مثلا- البر الذي اشتراه ووجده مخلوطا بشعير أكله ولم يتفطن له إلا بعد حين، فله أن يطالب بالأرش، فقيمته لو كان برا خالصا خمسون، وقيمته مخلوطا بهذا الشعير أربعون، فيكون الأرش عشرة، يردها البائع على المشتري.