إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
204581 مشاهدة
جهات التعصيب

وإن وجد عاصبان فكثر فجهات العصوبة على الترتيب الآتي: بنوة، ثم أبوة، ثم أخوة وبنوهم، ثم أعمام وبنوهم، ثم الولاء وهو المعتق، وعصباته المتعصبون بأنفسهم.
فيقدم منهم الأقرب جهة، فإن كانوا في جهة واحدة: قدم الأقرب منزلة.
فإن كانوا في المنزلة سواء: قدم الأقوى منهم: وهو الشقيق على الذي لأب.
وكل عاصب غير الأبناء والإخوة لا ترث أخته معه شيئًا.


قوله: (وإن وجد عاصبان فأكثر فجهات العصوبة على الترتيب الآتي: بنوة، ثم أبوة، ثم أخوة وبنوهم، ثم أعمام وبنوهم، ثم الولاء وهو المعتق، وعصباته التعصبون بأنفسهم):
هذه تسمى جهات التعصيب فإذا كثر العصبة فإنه يقدم الأقرب جهة، فمثلاً

إذا كان عنده ابن وابن ابن وأب وجد وأخ شقيق وابنه وأخ لأب وابنه وعم وابنه وكذلك معتق وابنه، فالذي أحق بالتقديم الابن؛ لأن الابن يسقط هؤلاء كلهم ويصير هو العصبة، إلا الأب فلا يسقطه، بل يكون له السدس، أما البقية فإنهم لا يرثون مع الابن.
وكذلك إذا لم يكن هناك ابن ولكن هناك ابن ابن وأب وجد وأخ شقيق وابنه وأخ لأب وابنه وعم شقيق وابنه، فالذي يكون العاصب هو ابن الابن؛ لأنه فرع، ولأنه من الولد فيقوم مقام أبيه.
كذلك إذا لم يكن عندنا ابن ولا ابن ابن ولا ابن ابن ابن، ولكن عندنا أب وجد وأخ شقيق وابنه وأخ لأب وابنه وعم شقيق وابنه وعم لأب وابنه، فإننا نبدأ بالأب، لأنه أقربهم، فيقدم الأب على هؤلاء ويكون هو العاصب، فإذا لم يكن عندنا أب قام مقامه الجد، وهذا على خلاف، وابن سعدي لم يذكر الخلاف، ولكن ترجح عنده أن الجد يسقط الإخوة.
وقد وقع خلاف في عهد عمر- رضي الله عنه- هل الجد يسقط الإخوة أو لا يسقطهم؟ وأكثر العلماء على أنه لا يسقطهم، وإنهم يقتسمون المال- هو وهم- على قسمة معروفة في كتب الفقه.
ولكن شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وشيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم، وشيخنا الشيخ عبد العزيز ابن باز- اختاروا أن الجد يسقط الإخوة وأنه يقوم مقام الأب، وقد أوضح ذلك ابن القيم في أعلام الموقعين بعشرين وجها
مذكورة في ذلك الكتاب، تدل على أن الأب والجد يتناوبان؛ فيقوم الجد مقام الأب، وأن الجد أب.
فعلى هذا إذا كان عندك جد وأخ شقيق وابنه وأخ لأب وابنه وعم شقيق وابنه وعم لأب وابنه؛ فالجد هو الذي يعصب ويسقط الباقين.
فإذا لم يكن هناك أب ولا جد يعني لا أصل ولا فرع، وإنما عندك إخوة أشقاء وبنوهم، وإخوة لأب وبنوهم، وأعمام أشقاء وبنوهم، وأعمام لأب وبنوهم؛ فالمقدم الأشقاء وذلك لقوتهم، ولو كان الإخوة لأب مثلهم في القرب، ولكن أولاد الأب يدلون بجهة والأشقاء يدلون بجهتين، والذي يدلي بقرابتين أولى من الذي يدلي بقرابة واحدة.
فإذا لم يكن هناك إخوة أشقاء قدمت الإخوة من الأب على أبناء الإخوة الأشقاء، فإذا لم يكن هناك إخوة أشقاء ولا لأب، قدمت أبناء الأشقاء على أبناء الإخوة من الأب، فإذا لم يكن هناك إخوة أشقاء ولا بنوهم ولا إخوة لأب ولا بنوهم؛ قدمت الأعمام الأشقاء ثم الأعمام لأب، ثم أبناء الأعمام الأشقاء، ثم أبناء الأعمام لأب.
هكذا ترتيبهم: الابن، ثم ابن الابن، ثم الأب، ثم الجد، ثم الأخ الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم ابن الأخ الشقيق، ثم ابن الأخ لأب، ثم العم الشقيق، ثم العم لأب، ثم ابن العم الشقيق، ثم ابن العم لأب.

قوله: (فيقدم منهم الأقرب جهة، فإن كانوا في جهة واحدة: قدم الأقرب منزلة... إلخ):
فيكون التقديم:
أولا: الأقرب جهة: وقد ذكرنا أن الجهات خمس: بنوة، ثم أبوة، ثم أخوة وبنوهم، ثم عمومة وبنوهم، ثم ولاء. فتقدم على ترتيبهم، فتقدم البنوة على الأبوة وهكذا.
وهكذا يقدم الإخوة على الأعمام؛ لأنهم أقرب منهم جهة، فهؤلاء جهة الأخوة، وهؤلاء جهة العمومة.
وثانيا: الأقرب منزلة: فيقدم الابن على ابن الابن، ويقدم ابن الابن على ابن ابن الابن، ويقدم الأخ الشقيق على ابن الأخ الشقيق، والعم الشقيق على ابن العم الشقيق،
وثالثا: الأقوى: كالأخ الشقيق والأخ لأب، فهذان في درجة واحدة، فيقدم الأخ الشقيق؛ لأنه أقوى، مع أن القرب واحد، أو العم الشقيق والعم لأب، فيقدم العم الشقيق؛ لأنه أقوى مع أن القرب واحد.
وفي البيت المشهور للجعبري يقول:
فبالجهـة التقـديم ثـم بقربة وبعدها التقديم بالقوة اجعلا

وكل هذا أخذًا من الحديث وهو قوله عليه السلام: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر وكلمة (أولى) نبهتنا على أن نأخذ الأولى من كل سبب، فالأقرب أولى من الأبعد، والأقوى أولى من الأضعف، والبعد يكون في جهة البنوة فالابن أقرب من ابن الابن، وأما القوة فلا تكون إلا في الإخوة والأعمام، فالأخ الشقيق أقوى من الأخ لأب، والأعمام كذلك بعضهم أقوى من بعض؛ فالعم الشقيق أقوى من العم لأب، فيقدم بالقوة لكونه أولى.
قوله: (وكل عاصب غير الأبناء والإخوة لا ترث أخته معه شيئًا):
عرفنا أن الابن ترث معه أخته وابن الابن يعصب بنت الابن، سواء كانت أخته أو بنت عمه التي في درجته أو التي أعلى منه إذا احتاجت إليه، مثاله: إذا كان لميت بنتان، وبنت ابن، وابن ابن ابن، أنزل منها، فالبنتان تأخذان الثلثين، وبنت الابن كانت ساقطة ولكن ابن أخيها الذي أنزل منها يعصبها، فتقول له: لو كان أبوك حيا لورثت معه فأنا أقرب منك فعصبني كما يعصبني أبوك، فيعصبها أخوها وهو: ابن الابن، أو يعصبها ابن أخيها وهو: ابن ابن ابن.
وكذلك أيضا الأخت الشقيقة ترث مع أخيها تعصيبًا، والأخت لأب ترث مع أخيها تعصيبًا، ولكن بنت الأخ لا يعصبها ابن الأخ؛ لأنها ليست من الورثة، وكذلك العمة لا يعصبها العم، وكذلك بنت العم لا يعصبها ابن العم، فالنساء لا يرث منهن من كانت أبعد من الأخت؛ فبنت الأخ، وكذلك أخت الأب، وهي العمة، وكذلك بنت العم ونحوهن لا يرثن بالفرض ولا بالتعصيب.