الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
248059 مشاهدة
تلقي الجلب


ونهيه -صلى الله عليه وسلم- عن تلقي الجلب فقال: لا تلقوا الجلب، فمن تلقى فاشتري منه، فإذا أتى سيده السوق: فهو بالخيار رواه مسلم .


قوله: (ونهيه -صلى الله عليه وسلم- عن تلقي الجلب، فقال: لا تلقوا الجلب، فمن تلقى فاشتري منه، فإذا أتى سيده السوق: فهو بالخيار ).
وفي رواية قال: لا تلقوا الركبان ويراد بهم أهل السلع الذين قدموا لبيعها، فلا يجوز أن تلقاهم قبل أن يصلوا إلى السوق، فتخدعهم وتشتري منهم؛ لأنهم يجهلون السوق، فربما يبيعون السلعة بأرخص من قيمتها، فيكون ذلك خداعا لهم، فمن تلقى أحدهم فاشترى منه، فإنه إذا أتى السوق فهو بالخيار، فإذا تلقاهم أحد واشترى منهم غنما أو أكياسا أو سيارات أو سلعا أو أواني، وهم قد جلبوها ليبيعوها فجاءهم إنسان قبل أن يصلوا إلى المكان الذي تجلب فيه فاشترى منهم، فلما وصلوا السوق وجدوه قد خدعهم وقد باعوا عليه برخص، ففي هذه الحال لهم الخيار، أي: لهم أن ينتزعوا الذي باعوا منه، ويطلبوا السعر المناسب لهم.