إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
206687 مشاهدة
الغش في البيع

وقال: من غشنا فليس منا رواه مسلم .


قوله: (وقال: من غشنا فليس منا ):
هذا نهي من النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الغش، فقد مر بصبرة من بر، قد عرضها صاحبها للبيع، فأدخل يده فيها فنالت بللا , أي: رطوبة، فقال: ما هذا يا صاحب الصبرة؟ فقال: أصابته السماء -أي: أن هذا من آثار المطر- فقال: هلا جعلته أعلاه -أي: اجعل هدا الرطب في أعلاه كي يراه الناس- من غشنا فليس منا فقد اعتبر إظهار الطيب من أعلى وإخفاء المعيب وجعله في الأسفل غشا؛ لأنه باع الرطب المبتل المعيب كأنه نظيف، فيكون هذا غشا.
وأنواع الغش كثيرة، فمنها: إخفاء المعيب أو خلطه بما لا يتميز معه؛ ففي اللحوم- مثلا- إدخال العظام والعصب فيما بينها، كذلك أيضا في القمح إدخال الشيء الذي فيه عيب في أسفلها، كذلك- مثلا- البن والهيل ونحوه إدخال الرديء في أسفلها، كذلك في الخضار ونحوه جعل الرديء في أسفل الأواني وجعل الجيد في أعلاها، فيعتبر هذا كله من الغش.