القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
290425 مشاهدة print word pdf
line-top
الإيلاء

[ باب: الإيلاء والظهار واللعان ]
فالإيلاء: أن يحلف على ترك وطء زوجته أبدًا، أو مدة تزيد على أربعة أشهر.
فإذا طلبت الزوجة حقها من الوطء، أمر بوطئها، وضربت له أربعة أشهر:
فإن وطئ كفر كفارة يمين، وإن امتنع: ألزم بالطلاق؛ لقوله تعالى: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ البقرة: 226، 227 .


[ باب: الإيلاء والظهار واللعان ]
الفقهاء يجعلون لكل واحد من هذه الثلاث بابًا مستقلاً، ولكن المؤلف اختصرها ودمجها في باب واحد، وفيها مسائل كثيرة ولكن اقتصر على المشهور منها.
أولا: الإيلاء
قوله: (فالإيلاء: أن يحلف على ترك وطء زوجته أبدًا، أو مدة تزيد على أربعة أشهر. فإذا طلبت... إلخ):
فإذا قال: والله لا أطؤها سنة، أو والله لا أطؤها أبدًا، أو والله لا أطؤها حتى ينزل عيسى مثلا، أو حتى تطلع الشمس من مغربها، أو حتى أموت، أو حدد فقال: لا أطؤها ستة أشهر أو ثمانية، أو نحو ذلك؛ فهذا يسمى إيلاء.
وحكمه أنه يؤجل أربعة أشهر فإذا مضت الأربعة الأشهر وطلبت حقها من الوطء ألزم بأحد أمرين: بالكفارة أو الطلاق؛ يكفر ويطأ أو يطلق، يعني: إذا

انقضت الأربعة يقال له: إما أن تفيء وإما أن تطلق، فإذا فاء- أي: رجع- فإنه يلزمه كفارة يمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم كما في الآية أما إذا لج في يمينه فإنه يؤمر بالطلاق أو يطلق عليه الحاكم.
أما إذا سكتت ولم تطالب فالحق لها وقد أسقطته.
والحاصل: أنها إذا طالبت بالوطء فإنه يكفر ويطأ بعد الأربعة أو يطلق، قال تعالى: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ أي: يحلفون على ترك وطء نسائهم تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أي: انتظار أربعة أشهر فَإِنْ فَاءُوا أي: رجعوا إلى زوجاتهم وكفروا عن يمينهم فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ البقرة: 227 ويعودون إلى زوجاتهم وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ يعني: وإن امتنعوا عن الوطء والرجوع فإن هذا دليل على عدم رغبتهم في زوجاتهم، فعليه في هذه الحالة أن يطلق، فإن امتنع ألزم بالطلاق، ثم قال: فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ أي: فإن الله يسمع كلامهم.
والحاصل: أن عليهم أن يفعلوا أحد الأمرين: إما الفيئة مع الكفارة وإما الطلاق، أما الاستمرار فإنه ضرر. هذا ما يتعلق بالإيلاء.

line-bottom