إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
206410 مشاهدة
تحريم المملوكة والطعام واللباس وغيرها


وأما تحريم المملوكة والطعام واللباس وغيرها ففيه كفارة يمين ؛ لقوله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ المائدة: 87-89 إلى أن ذكر الله كفارة اليمين في هذه الأمور.


قوله: (وأما تحريم المملوكة والطعام واللباس وغيرها ففيه كفارة يمين؛ لقوله تعالى .... الخ):
فإذا قال: هذا الطعام علي حرام، فلا يكون حرامًا ولكن عليه الكفارة، أو مثلاً قال: هذه الأمة عليّ حرام، أو قال: دخول هذا البيت عليّ حرام، أو قال:
ركوب هذه السيارة عليّ حرام، أو قال: حرام عليّ أن ألبس هذا الثوب، أو قال: حرام علي أن أركب مع فلان، فعليه في هذه الحالة أن يكفر كفارة يمين، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ثم قال تعالى: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ التحريم: 1، 2 يعني: الكفارة، وذلك أنه عليه الصلاة والسلام حرم عسلاً كان يشربه عند زينب فقال: هو علي حرام عند ذلك أباحه الله له وأمره بالكفارة.
وكذلك هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ إلى قوله: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ المادة: 89، 90 فذكر كفارة اليمين في هذه الأمور، وذلك أن جماعة من الصحابة حرموا بعض الطعام في قصة الثلاثة الذين ذكرناهم فيما مضى، فقال أحدهم: حرام علي أن آكل اللحم، والأخر قال: حرام علي أن أتزوج النساء، وقال الآخر: حرام علي أن أنام على فراش، فأنزل الله هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وأنزل كفارة اليمين.
هذا بعض ما يتعلق بالظهار.