تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
206914 مشاهدة
النظر إلى المخطوبة

وإذا وقع في قلبه خطبة امرأة فله أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها.


قوله: ( وإذا وقع في قلبه خِطبة امرأة فله أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها):
الخِطبة: بكسر الخاء، يعني: طلب المرأة من أهلها، وأما الخُطبة: بضم الخاء فهي خطبة الجمعة والأعياد ونحوها.
وأما الفعل من كلا الكلمتين فهو سواء، يخطب خطبة، ويخطب خطبة.
ورد في حديث المغيرة أن رجلاً قال: يا رسول الله ، إني أريد أن أتزوج امرأة، قال: هلا نظرت إليها، اذهب فانظر إليها؛ فإنه أحرى أن يؤدم بينكما .
ويقول جابر: إني خطبت امرأة فجعلت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دفعني إلى نكاحها . يعني: يختبئ لها حتى رأى مثلا وجهها أو رأى يديها أو رأى ساقيها أو نحو ذلك مما رغبه في نكاحها.
قيل: إن ذلك يكون وهو مختبئ ينظر إليها وهي لا تشعر به.
وقيل: إن ذلك يكون في العلانية بأن يطلب من أبيها أو ولي أمرها أن تبرز له لينظر إليها. فعلى أبيها في هذه الحالة أن يجيبه إذا عرف صدق الرغبة من الخاطب ويمكّنه من النظر إلى ما يظهر غالبًا كالوجه واليدين والشعر والقامة والقدمين وما أشبه ذلك، بشرط أن يكون ذلك في غير خلوة، وينتبه إلى أنه قد يتقدم إليه شخص لخطبة ابنته، ولكنه غير صادق الرغبة في الزواج وقصده التفرغ والاطلاع على عورات المسلمين فلا يمكّن من النظر إليها.