عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
302363 مشاهدة print word pdf
line-top
النظر إلى المخطوبة

وإذا وقع في قلبه خطبة امرأة فله أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها.


قوله: ( وإذا وقع في قلبه خِطبة امرأة فله أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها):
الخِطبة: بكسر الخاء، يعني: طلب المرأة من أهلها، وأما الخُطبة: بضم الخاء فهي خطبة الجمعة والأعياد ونحوها.
وأما الفعل من كلا الكلمتين فهو سواء، يخطب خطبة، ويخطب خطبة.
ورد في حديث المغيرة أن رجلاً قال: يا رسول الله ، إني أريد أن أتزوج امرأة، قال: هلا نظرت إليها، اذهب فانظر إليها؛ فإنه أحرى أن يؤدم بينكما .
ويقول جابر: إني خطبت امرأة فجعلت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دفعني إلى نكاحها . يعني: يختبئ لها حتى رأى مثلا وجهها أو رأى يديها أو رأى ساقيها أو نحو ذلك مما رغبه في نكاحها.
قيل: إن ذلك يكون وهو مختبئ ينظر إليها وهي لا تشعر به.
وقيل: إن ذلك يكون في العلانية بأن يطلب من أبيها أو ولي أمرها أن تبرز له لينظر إليها. فعلى أبيها في هذه الحالة أن يجيبه إذا عرف صدق الرغبة من الخاطب ويمكّنه من النظر إلى ما يظهر غالبًا كالوجه واليدين والشعر والقامة والقدمين وما أشبه ذلك، بشرط أن يكون ذلك في غير خلوة، وينتبه إلى أنه قد يتقدم إليه شخص لخطبة ابنته، ولكنه غير صادق الرغبة في الزواج وقصده التفرغ والاطلاع على عورات المسلمين فلا يمكّن من النظر إليها.

line-bottom