قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
198029 مشاهدة
تعريف الوصية

والوصية: التبرع به بعد الوفاة.
فالجميع داخل في الإحسان والبر.
فالهبة من رأس المال.


قوله: ( والوصية التبرع به بعد الوفاة ):
هكذا عرفها، كأن يقول: إذا مت فأعطوا فلانا من مالي كذا، أو أعطوا فلانا قطعة من أرض قدرها كذا.
قوله: (فالجميع داخل في الإحسان والبر):
يعني: الهبة والعطية والوصية، لكن الوصية أعم، ولأجل ذلك أطال العلماء في الكلام عليها، وجعلوا فيها خمسة أبواب أو ستة، فقالوا: باب الوصايا، ثم قالوا: باب الموصى إليه، ثم قالوا: باب الموصى له، ثم قالوا: باب الموصى به، ثم قالوا: باب الوصية بالأنصباء والأجزاء، وذكروا تحت كل باب أحكامه، ولكن المؤلف اختصرها واقتصر على رءوس أقلام منها.
قوله: (فالهبة من رأس المال):
وذلك لأنها عطية في الحياة.