الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
235046 مشاهدة
تَحَمُّل الشهادة

وَتَحَمُّل الشهادة في حقوق الآدميين: فرض كفاية، وأداؤها فرض عين.
ويشترط أن يكون الشاهد عدلاً ظاهرًا وباطنًا.
والعدل هو: من رضيه الناس؛ لقوله تعالى: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ البقرة: 282 .
ولا يجوز أن يشهد إلا بما يعلمه: برؤية أو سماع من المشهود عليه، أو استفاضة يحصل بها العلم في الأشياء التي يحتاج فيها إليها، كالأنساب ونحوها.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لرجل: ترى الشمس؟ قال: نعم، قال: على مثلها فاشهد أو دع رواه ابن عدي .


قوله: (وَتَحَمّل الشهادة في حقوق الآدميين: فرض كفاية، وأداؤها فرض عين):
هنا ابتدأ الكلام عن الشهادة وأدائها.
تحمل الشهادة فرض كفاية فإذا جاءك إنسان وقال: أريد أن تذهب تشهد لي على بيع أو على نكاح أو على طلاق، فإن لم يوجد غيرك فيلزمك أن تذهب معه فإن كان يجد غيرك فلا يلزمك، إنما هو فرض كفاية.
أما إذا تحملتها وصرت شاهدًا له ثم طلب منك أن تؤديها فإن أداءها فرض عين، قال تعالى: وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا البقرة: 282 يعني: لا يمتنع الشاهد عن أداء الشهادة بعد أن تحملها، ثم قال: وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ البقرة: 282 وإذا كان عليه ضرر فلا يضار.
قوله: (ويشترط أن يكون الشاهد عدلاً ظاهرًا وباطنًا):
لقوله تعالى: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ الطلاق: 2 وقد تكلم العلماء على العدالة وأطالوا في شروطها وفي القوادح التي في الشهادة، حتى ذكر بعضهم أكثر من مائة قادح يقدح في الشهادة، وأدخلوا في ذلك الإخلال ببعض الأمور العادية.
فالحاصل أن الشاهد لا بد أن يكون عدلاً ظاهرًا وباطنًا، الظاهر في أخلاقه، فإذا كان معروفًا بالصدق، ومحافظًا على الصلوات، ومؤديًا لحقوق الله ومؤديا

لحقوق الناس، ولا يعرف منه الكذب، ولا يعرف منه الظلم، ولا التعدي، فهذا عدل في الظاهر.
والعدل في الباطن بأن لا يعرف منه سرقة ولا اختلاس ولا خيانة في أمانة ولا فجور ولا زنى ولا فواحش ولا معاصٍ، أما إذا عرف منه شيء من ذلك فليس بعدل.
قوله: (والعدل هو: من رضيه الناس، لقوله تعالى: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ ):
ولهذا يمكن للخصم أن يطعن في الشاهد، فيقال: هذا الشاهد شهد ضدك اطعن فيه، فإن طعن فيه بفعل مخالفة ظاهرة كأن يقول مثلاً إنه يشرب الدخان أو إنه حليق اللحية، أو إنه يترك الصلاة أو يتخلف عن الجماعة، فإن ذلك قادح.
قوله: (ولا يجوز أن يشهد إلا بما يعلمه: برؤية أو سماع من المشهود عليه):
لقوله تعالى: وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا يوسف: 81 حكاية عن إخوة يوسف، فالشاهد لا بد أن يشهد عن علم فلا يشهد بمجرد الظن، فلا بد أن تحصل الرؤية لذلك، فيقول: نعم رأيته يشتري من هذا، رأيته عندما أقبضه وسلمه، رأيته عندما ضربه أو شجه، أو سمعته يقذفه، سمعته يرميه بفاحشة مثلاً، أو سمعته يعترف له بالحق أو ما أشبه ذلك.

قوله: (أو استفاضة يحصل بها العلم في الأشياء التي يحتاج فيها إليها، كالأنساب ونحوها):
الاستفاضة هي: الخبر الذي ينتشر في البلاد ويكون مشتهرًا عند الخاص والعام استفاضة يحصل بها العلم في الأشياء التي يحتاج إليها، كأن يقول: أنا ما رأيته عندما ولدته أمه، ولكن الناس كلهم يقولون: هذا فلان ابن فلانة التي هي زوجة فلان بن فلان، فأشهد بأنه فلان بن فلان وبأنه من القبيلة الفلانية وهذه شهادة بانتشار الخبر فلهم أن يشهدوا بالنسب.
وكذلك إذا اشتهر خبر في البلاد أن فلانًا مثلاً قاتل أو أنه مثلاً مدين بكذا وكذا فله أن يشهد بالشهرة.
قوله: (وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لرجل: ترى الشمس؟ قال: نعم، قال: على مثلها فاشهد أو دع .
هذا الحديث رواه ابن عدي، وذكره الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام ولكن في إسناده ضعف، وفيه دليل على أن الشاهد لا يشهد إلا بما تحققه وتيقنه مثل رؤيته للشمس التي لا يشك في أنها هي الشمس.