اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
204536 مشاهدة
القصد من المسابقة والمغالبة

[ باب: المسابقة والمغالبة ] .


[باب: المسابقة والمغالبة ]
هذا الباب يدخل فيه المسابقة على الخيل والمسابقة على الرمي والمسابقة على الإبل والمسابقة على الأقدام، وكذلك أيضا المسابقة بالمصارعة؛ أيهما يقوى فيصرع الآخر، وتسمى المغالبة، وفي هذه الأزمنة أيضا ما يسمى بالمباريات الرياضية.
والمسابقة والمغالبة القصد منها أصلا التمرن على القوة وعلى سرعة الجري؛ فيمرن الفرس على سرعة الجري، وكذلك يمرن البعير على سرعة السير وعلى قوته، وكذلك أيضا إذا هو سابق على قدميه يتمرن ويكتسب قوة بدنية، وكذلك إذا تسابقوا بالرمي أيهم يصيب الهدف، كما لو نصبوا هدفا ثم أخذوا يرمونه بالسهام، وقديما كان الرمي بالسهام التي تجعل في القوس، والآن يجعلونها بالرصاص والحكم واحد، فإذا نصبوا هدفا من أصابه يجعل له كذا وكذا من المال أو غيره؛ ففي هذه الحال يصح، ويكون له العوض، وذلك ليتدربوا.
وفي مثل هذا التدرب تقوية البدن على الطلب وعلى الهرب، وكذلك التقوية على إصابة الهدف، حتى إذا تقابل مع العدو فإذا هو قد عرف كيفية الرمي واستطاع أن يصيب من يرميه من العدو، ولا يصاب هو؛ فمثل هذا جائز وفيه منفعة، وقد تكلم عليه العلماء قديما، ومنهم ابن القيم في كتاب الفروسية فإنه تكلم على هذه المسابقات، وعلى ركوب الخيل وما أشبهها، والجري، وركوب الإبل، وما أشبه ذلك.