الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
204369 مشاهدة
أحكام العاصب

وحكم العاصب: أن يأخذ المال كله إذا انفرد، وإن كان معه صاحب فرض أخذ الباقي بعده، وإذا استغرقت الفروض التركة لم يبق للعاصب شيء، ولا يمكن أن تستغرق مع ابن الصلب، ولا مع الأب.


قوله: (وحكم العاصب: أن يأخذ المال كله إذا انفرد... إلخ):
العاصب أحكامه ثلاثة:
أولا: إذا انفرد حاز المال، فمثلا: إذا كان الميت ليس له إلا عمه أخو أبيه، فإنه يأخذ المال كله لأنه انفرد، أو ابن عمه أو أخوه أو ابن أخيه.
ثانيا: إذا كان معه أصحاب فروض أخذ ما يبقى بعدهم، مثاله: إذا كان الميت امرأة ولها زوج وأم وعم فنعطي الزوج النصف ونعطي الأم الثلث، ويبقى السدس فنعطيه للعم تعصيبا.
وهكذا لو لم يبق إلا أقله، فلو كان معنا أختان شقيقتان وزوجة وعم، الأختان الشقيقتان لهما الثلثان، ثمانية من اثني عشر، والزوجة لها الربع؛ ثلاثة من اثني عشر، فبقي واحد هو نصف السدس، يأخذه العم.
وهكذا لو كان عندنا بنتان للميت، وزوجة وأم وعم، فالبنتان لهما الثلثان؛ ستة عشر من أربعة وعشرين، والأم لها السدس، أربعة من أربعة وعشرين، هذه عشرون، والزوجة لها الثمن، ثلاثة من أربعة وعشرين، وبقي ثلث الثمن يأخذه العم الذي هو العاصب. فهو يأخذ ما بقي قل أم كثر.
ثالثا: إذا استفرقت الفروض التركة سقط، كما لو كان الميت امرأة ولها زوج وأم وأخت من الأم وعم، ففي هذه الحال نعطي الزوج النصف، وهو ثلاثة من ستة، ونعطي الأم الثلث، وهو اثنان، ونعطي الأخت من الأم السدس، والعم يسقط، لأن الفروض استغرقت التركة، ولم يبق للعم شيء؛ لأنه عاصب، والعاصب إنما يأخذ ما بقي بعد أهل الفروض.
قوله: (ولا يمكن أن تستغرق مع ابن الصلب، ولا مع الأب):
أما مع ابن الابن فقد تستغرق.
لماذا لا تستغرق مع الابن؟
الجواب: لأن الابن ينقص الزوج أو الزوجة، وينقص الأب والأم، ولا يرث مع الابن من أهل الفروض إلا الزوج أو الزوجة والأم والأب، ويسقط البنات أو يعصبهن، ويسقط أولاد الابن، ويسقط الإخوة، ويسقط الأخوات، ويسقط الأجداد والجدات.
فإذا كان معنا أب وأم وزوج وابن، فإن ما يبقى بعد الفروض للابن؛ لأن الزوج ليس له إلا الربع، أنقصه الابن، والأبوين لكل واحد منهما السدس؛ لقوله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فيكون عندنا سدسان وربع، فتكون المسألة من اثني عشر، فربع الاثني عشر ثلاثة، وسدسها اثنان، وسدسها الثاني اثنان، ويبقى خمسة للابن.
كذلك الأب لا يسقط بحال، ولكن قد تستغرق الفروض التركة وتعول له المسألة، ونقول: تعول له لأنه وارث بكل حال، فلو فرضنا مثلا أن عندنا بنتين، وزوجا، وأما، وأبا، فالمسألة من اثني عشر؛ لأن الزوج لا يرث إلا الربع مع البنات؛ فالزوج له ثلاثة، والبنتان لهما ثمانية من اثني عشر، هذه أحد عشر، والأم لها اثنان، هذه ثلاثة عشر، فهكذا استغرقت. الفروض، فهل يسقط الأب؛ الجواب: لا يسقط الأب لأن الله تعالى جعل له فرضا لقوله: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ النساء: 11 فتعول المسألة إلى خمسة عشر.