الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
301833 مشاهدة print word pdf
line-top
حد السرقة

ومن سرق ربع دينار من الذهب، أو ما يساويه من المال من حرزه: قطعت يده اليمنى من مفصل الكف، وحسمت.
فإن عاد قطعت رجله اليسرى من مفصل الكعب، وحسمت.
فإن عاد حبس، ولا يقطع غير يد ورجل، قال تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا المائدة: 38 .
وعن عائشة -رضي الله عنها- مرفوعا: لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعدًا متفق عليه .
وفي الحديث: لا قطع في ثمرٍ ولا كَثَر رواه أهل السنن .
رابعا: حد السرقة
قوله: (ومن سرق ربع دينار من الذهب، أو ما يساويه من المال من حرزه: قطعت يده اليمنى من مفصل الكف، وحسمت):
اشترطوا أن يكون المسروق نصابًا وقدره ربع دينار، وهو ما يعادل سبع الجنيه السعودي أو ما يساويه من المال، يعني إذا أخذ ثوبًا مثلاً يساويه أو طعامًا يساويه أو أوراقًا نقدية تساوي هذا النصاب، ولا بد أيضًا من شرط آخر، وهو: أن يكون من الحرز فإن كان أخذه وهو ملقى في الأرض أو في الطريق فلا قطع.
والحرز هو: المكان الذي يحرز فيه المال، كأن كَسَر الباب أو كَسَر القفل مثلا أو هدم الجدار حتى دخل، فأما إذا وجد المال على الرصيف وأخذه فلا يقطع؛

لأن صاحبه أهمله، وكذلك لو أخذه نهبا كما لو جاء إلى أصحاب البضائع المعروضة في الطريق وانتهب منها أو أخذه خفية بدون أن يتفطن له، فهذا من غير حرز.
والقطع يكون من مفصل الكف، وهو الذي بين الكف والذراع.
والحسم هو: أنه إذا قطعت غمست في زيت مغلي حتى يسد أفواه العروق، فإنه إذا لم تحسم يمكن أن يجري الدم فيموت، فلا بد أن تحسم حتى تسد أفواه العروق ولا يستمر خروج الدم، وفي هذه الأزمنة قد تعالج بما يسدها ويوقف جريان الدم.
قوله: (فإن عاد قطعت رجله اليسرى من مفصل الكعب وحسمت... إلخ):
يعني: فإن سرق مرة ثانية قطعت رجله اليسرى ليحصل القطع من خلاف أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ المائدة: 33 والقطع من مفصل الكعب، يعني:
تقطع القدم كلها ويترك الساق وتحسم أيضًا.
قوله: (فإن عاد حبس، ولا يقطع غير يد ورجل، قال تعالى:... إلخ):
يعني: فإن سرق مرة ثالثة فلا قطع، ولكن يحبس، فلا يقطع منه أكثر من يد ورجل؛ لأن في ذلك عبرة.
والدليل على قطع يد السارق قول الله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا المائدة: 38 .

وفي قراءة ابن مسعود: أيمانهما وهي قراءة تفسيرية.
ودليل اشتراط النصاب وأنه ربع دينار قول النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عائشة رضي الله عنها: لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعدا ، أي: كما زاد.
قوله: (وفي الحديث لا قطع في ثمرٍ ولا كَثَر ):
الثمر هو: ثمر الشجر، والكثر هو: الجمار، يعني: إذا جاء إلى نخلة وقطع رأسها وأخذ جمارها ولو كان ثمينًا فلا قطع عليه، والشحمة التي في رأس النخلة تسمى جمارًا وتسمى كثرًا كذلك.
وإذا دخل بستانًا وأخذ منه ثمرًا فأكله فمثل هذا لا قطع عليه، فمأذون له إذا مر ببستان ليس عليه حائط أن يأكل منه في فمه ولو لم يستأذن صاحبه ولكن لا يأخذ معه شيئًا، أما إذا كان عليه شباك أو عليه سور فلا يدخله.
وبهذا انتهى المؤلف -رحمه الله- من الكلام على السرقة.

line-bottom