تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
206416 مشاهدة
الشرط الأول الرضى


[ باب: شروط النكاح ]
ولا بد فيه من رضى الزوجين، إلا: الصغيرة فيجبرها أبوها، والأمة يجبرها سيدها.


[ باب: شروط النكاح ]
ذكر بعد ذلك شروط النكاح وسيأتينا أيضًا الشروط في النكاح، فهناك شروط النكاح والشروط في النكاح، فأركان النكاح: الزوجان الخاليان من الموانع، والإيجاب والقبول، وأما الشروط فذكروا أربعة شروط: أولا: رضى الزوجين، ثانيا:انتفاء الموانع، ثالثا:الولي،رابعا:الشهود.
الشرط الأول: الرضى:
قوله: (ولا بد فيه من رضى الزوجين):
يعني: يشترط في النكاح رضى الزوجين، وقد تكاثرت الأحاديث في اشتراط رضى المرأة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا البكر حتى تستأذن (الأيم) هي: المطلقة التي قد نكحت ثم طلقت، (تستأمر)، يعني: يطلب أمرها، فتفصح وتقول: زوجوه، أنا رضيت به. (ولا البكر حتى تستأذن)، قالوا: وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت وفي رواية: رضى البكر سكوتها فلايجوز إجبارها على من لا تريد، فإذا صرحت وقالت: لا أريده

فلا إكراه عليها؛ بل لا بد من رضاها مهما كان الولي؛ سواء كان الولي أبًا أو أخًا أو غيره؛ لأن الإكراه لا تحصل معه الراحة، ولا تحصل معه الحياة السعيدة، فإذا كانت كارهة للزوج وقد غصبت عليه وأكرهت عليه وهي لا تريده فكيف تستقر حياتها؟! وكيف تعيش معه عيشة طيبة؟!
وكم حصل مع الإكراه من مشكلات، فكثيرًا ما يحصل من بعض الأولياء أنهم أكرهوا بناتهم على من لا تريد، ثم حصل منها أنها تهرب منه كثيرًا، وربما تتألم من الاجتماع معه.
وقد حكى لي كثير من الإخوان أن بعضهن قد انتحرن؛ أحرقت نفسها أو أكلت سما أو نحو ذلك لما أكرهوها على من لا تريد، فلأجل ذلك لا بد من رضى الزوجين، وعلى الأب وكذلك الأم أن يستشيروها.
فإذا كانت لا تعرفه فلا بد أن يسموا لها الزوج ويذكروا لها أوصافه، ويذكروا لها خصاله، ولا بد أيضا أن تسأل عنه، وتتتبع أخباره، وينقلون لها نقلا صحيحًا أنه من أسرة كذا وكذا، وأنه يحفظ كذا، وأنه يعمل كذا، لا يخفون عليها شيئًا حتى تقنع، فإذا أخفوا عليها فلها الخيار.
قوله: (إلا: الصغيرة فيجبرها أبوها والأمة يجبرها سيدها ):
أما الصغيرة فإذا رأى أبوها المصلحة فإنه يجبرها، فقد زوج أبو بكر عائشة وهي بنت ست سنين وبنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بها وهي بنت تسع سنين فمثل هذه رأى أبوها لها المصلحة فأجبرها أو لم يستشرها، وذلك لأن الصغيرة التي في هذا السن لا رأي لها ولا نظر، فإذا رأى لها أبوها أن هذه فرصة لا تفوت، وأن هذا الزوج كفء كريم، وأن زواجها به يحصل منه خير لها ومصلحة ومنفعة، وإذا لم يزوجها به فربما لا يجد مثله، فله أن يزوجها ولو كانت صغيرة، ولو كان ذلك بإجبارها، ولا يجبرها غير الأب.
أما إذا كانت يتيمة فلا يجوز إجبارها؛ بل تترك، إلى أن تبلغ وترشد، ثم تستشار بعد البلوغ، وتختار من تريد.
وأما الأمة المملوكة فإن سيدها يملك بضعها، ويملك منافعها فله أن يجبرها، ولكن عليه أيضا أن يراعي مصلحتها ؛ وذلك لأنها آدمية تحس بما يحس به الآدميون، فإذا أجبرها مثلا على زوج سيئ الأخلاق كثير المشاكل؛ يضربها، ويسبّها، ويسيء صحبتها، ويعاملها معاملة شريرة، فإن السيد ملوم، وعليه أن يفرق بينهما، وأن يخلصها، فلا يجوز له والحال هذه فإن هذا تعذيب لها، وأما إذا رأى أن هذا زوج لا بأس به وأنه سوف يعفها فله أن يجبرها وليس لها اختيار؛ لأنه مالك لبضعها.