جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
303890 مشاهدة print word pdf
line-top
الشرط الأول الرضى


[ باب: شروط النكاح ]
ولا بد فيه من رضى الزوجين، إلا: الصغيرة فيجبرها أبوها، والأمة يجبرها سيدها.


[ باب: شروط النكاح ]
ذكر بعد ذلك شروط النكاح وسيأتينا أيضًا الشروط في النكاح، فهناك شروط النكاح والشروط في النكاح، فأركان النكاح: الزوجان الخاليان من الموانع، والإيجاب والقبول، وأما الشروط فذكروا أربعة شروط: أولا: رضى الزوجين، ثانيا:انتفاء الموانع، ثالثا:الولي،رابعا:الشهود.
الشرط الأول: الرضى:
قوله: (ولا بد فيه من رضى الزوجين):
يعني: يشترط في النكاح رضى الزوجين، وقد تكاثرت الأحاديث في اشتراط رضى المرأة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا البكر حتى تستأذن (الأيم) هي: المطلقة التي قد نكحت ثم طلقت، (تستأمر)، يعني: يطلب أمرها، فتفصح وتقول: زوجوه، أنا رضيت به. (ولا البكر حتى تستأذن)، قالوا: وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت وفي رواية: رضى البكر سكوتها فلايجوز إجبارها على من لا تريد، فإذا صرحت وقالت: لا أريده

فلا إكراه عليها؛ بل لا بد من رضاها مهما كان الولي؛ سواء كان الولي أبًا أو أخًا أو غيره؛ لأن الإكراه لا تحصل معه الراحة، ولا تحصل معه الحياة السعيدة، فإذا كانت كارهة للزوج وقد غصبت عليه وأكرهت عليه وهي لا تريده فكيف تستقر حياتها؟! وكيف تعيش معه عيشة طيبة؟!
وكم حصل مع الإكراه من مشكلات، فكثيرًا ما يحصل من بعض الأولياء أنهم أكرهوا بناتهم على من لا تريد، ثم حصل منها أنها تهرب منه كثيرًا، وربما تتألم من الاجتماع معه.
وقد حكى لي كثير من الإخوان أن بعضهن قد انتحرن؛ أحرقت نفسها أو أكلت سما أو نحو ذلك لما أكرهوها على من لا تريد، فلأجل ذلك لا بد من رضى الزوجين، وعلى الأب وكذلك الأم أن يستشيروها.
فإذا كانت لا تعرفه فلا بد أن يسموا لها الزوج ويذكروا لها أوصافه، ويذكروا لها خصاله، ولا بد أيضا أن تسأل عنه، وتتتبع أخباره، وينقلون لها نقلا صحيحًا أنه من أسرة كذا وكذا، وأنه يحفظ كذا، وأنه يعمل كذا، لا يخفون عليها شيئًا حتى تقنع، فإذا أخفوا عليها فلها الخيار.
قوله: (إلا: الصغيرة فيجبرها أبوها والأمة يجبرها سيدها ):
أما الصغيرة فإذا رأى أبوها المصلحة فإنه يجبرها، فقد زوج أبو بكر عائشة وهي بنت ست سنين وبنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بها وهي بنت تسع سنين فمثل هذه رأى أبوها لها المصلحة فأجبرها أو لم يستشرها، وذلك لأن الصغيرة التي في هذا السن لا رأي لها ولا نظر، فإذا رأى لها أبوها أن هذه فرصة لا تفوت، وأن هذا الزوج كفء كريم، وأن زواجها به يحصل منه خير لها ومصلحة ومنفعة، وإذا لم يزوجها به فربما لا يجد مثله، فله أن يزوجها ولو كانت صغيرة، ولو كان ذلك بإجبارها، ولا يجبرها غير الأب.
أما إذا كانت يتيمة فلا يجوز إجبارها؛ بل تترك، إلى أن تبلغ وترشد، ثم تستشار بعد البلوغ، وتختار من تريد.
وأما الأمة المملوكة فإن سيدها يملك بضعها، ويملك منافعها فله أن يجبرها، ولكن عليه أيضا أن يراعي مصلحتها ؛ وذلك لأنها آدمية تحس بما يحس به الآدميون، فإذا أجبرها مثلا على زوج سيئ الأخلاق كثير المشاكل؛ يضربها، ويسبّها، ويسيء صحبتها، ويعاملها معاملة شريرة، فإن السيد ملوم، وعليه أن يفرق بينهما، وأن يخلصها، فلا يجوز له والحال هذه فإن هذا تعذيب لها، وأما إذا رأى أن هذا زوج لا بأس به وأنه سوف يعفها فله أن يجبرها وليس لها اختيار؛ لأنه مالك لبضعها.

line-bottom