الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
325195 مشاهدة print word pdf
line-top
نكاح الشغار

والشغار. ورخص النبي -صلى الله عليه وسلم- في المتعة أولا ثم حرمها . ولعن المحلل والمحلل له نهى عن نكاح الشغار وهو: أن يزوجه موليته على أن يزوجه الآخر موليته ، ولا مهر بينهما، وكلها أحاديث صحيحة.


قوله: (والشغار):
ثالث: نكاح الشغار وفسر الشغار في الحديث أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته، ولا صداق بينهما؛ بل بضع هذه مهر لبضع هذه، هكذا فسر.
وفي بعض الروايات أن يقول: زوجني ابنتك على أن أزوجك ابنتي، أو

زوجني أختك على أن أزوجك أختي، أو زوج ابني على أن أزوج ابنك، يعني:
بشرط، فهذا حرام ولو دفعوا الصداق؛ لأنه قد تكون إحدى المرأتين غير راضية؛ بل مكرهة. فهذا هو نكاح الشغار.
قوله: (ورخص النبي -صلى الله عليه وسلم- في المتعة أولا ثم حرمها... إلخ):
ثم ذكر -رحمه الله- الأدلة على تحريم هذه الأنكحة: فقال: ورخص النبي -صلى الله عليه وسلم- في المتعة أولا ثم حرمها، يعني: في غزوة الفتح، هذا هو الصحيح وهو دليل على أنه ما حرمها إلا مرة واحدة، وما أحلها إلا مرة واحدة.
ثم قال: ولعن المحلل والمحلل له وقد تكلمنا عن ذلك.
ثم قال: نهى عن نكاح الشغار وهو: أن يزوجه موليته على أن يزوجه الآخر موليته ولا مهر بينهما، وهذا الحديث دليل صريح على تحريم نكاح الشغار، ثم عرف نكاح الشغار فقال: هو أن يزوجه موليته على أن يزوجه الآخر موليته، ولا مهر بينهما.
وأكثرهم يقول: إنه سمي شغارًا لأنه لا مهر فيه؛ بل جعلت هذه مهرًا لتلك، هذا هو الأشهر، وهو الذي اختاره ابن سعدي في قوله: ولا مهر بينهما، أخذًا مما روي في الحديث.

والحديث مروي عن ابن عمر، وتفسير الشغار بأن يقول: زوجني ابنتك على أن أزوجك ابنتي ولا مهر بينهما، قيل: إن تفسيره من ابن عمر، يعني: ليس مرفوعًا، وقيل: إن تفسيره من قبل نافع مولى ابن عمر.
ولكن إذا أخذنا كلمة الشغار على أنه مشتق من الشغور الذي هو الخلو، قالوا: هذا المكان شاغر، أي: خالي، يقال: شغر الكلب رجله، أي: رفعها وأخلى مكانها؛ فسمي الشغار لأنه يخلو من الرضى أو يخلو من المهر. هذا هو الأقرب.
ولكن العلماء يقولون: إذا تراضت المرأتان وأعطيت كل واحدة منهما مهرها كاملاً، ولم يكن هناك اشتراط ولا إكراه؛ فإن ذلك جائز، أما إذا كان هناك اشتراط؛ لا أزوجك حتى تزوجني، وإكراه، وعدم إعطائها مهر مثلها؛ فإنه محرم.
ثم قال: (وكلها أحاديث صحيحة)، أي: أن هذه الأحاديث أدلة صحيحة
على تحريم المتعة ونكاح الشغار ونكاح التحليل، ولا مطعن فيها.

line-bottom