إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
235084 مشاهدة
تعريف العدة

كتـاب
العــدد والاستبــراء


كتاب: العِدد والاستبراء
العدة: تربص من فارقها زوجها بموت أو طلاق.
فالمفارقة بالموت إذا مات عنها تعتد على كل حال: .


كتاب: العدد والاستبراء
أولا: العِدد:
قوله: ( العدة تربص من فارقها زوجها بموت أو طلاق ): العدة هي: المدة التي تنتظر فيها الزوجة فلا تتزوج بعد فراق زوجها؛ سواء أكان الفراق بموت أم بطلاق أم بفسخ أم بخلع أم نحو ذلك، لا بد من العدة، وذلك لمعرفة أنها ليست حاملاً من هذا الزوج الذي فارقها خوفًا من أن تتزوج غيره وهي حامل من الأول فيلحق الولد بالثاني وينسب إليه فيؤدي إلى اختلاط الأنساب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسق ماءه ولد غيره يعني: إذا عرف أنها حامل فلا يطأها؛ لأنه يسقي ذلك الولد بمائه، يعني: منيه، فيكون قد اشتبه هذا الولد وأصبح فيه من الزوج الثاني ومن الأول؛ بل لا يحل لها أن تتزوج حتى تتحقق بأنها ليست حاملاً، وقد قال تعالى: وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ البقرة: 228 فلا يحل لها أن تكتم الولد الذي في رحمها؛ لأن هذا لا يعرف إلا من قبلها.
قوله: (فالمفارقة بالموت إذا مات عنها تعتد على كل حال):
يعني: حتى ولو لم يدخل بها.

وأما لماذا تعتد من الوفاة مع أنه لا يراجعها؛ فإن ذلك لأمور:
أولا: لاستبراء الرحم مخافة أن تكون حاملاً.
ثانيا: لمعرفة حق الزوج الذي مات، ولأجل ذلك تؤمر بالإحداد وترك الزينة.