الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
204429 مشاهدة
أصناف الحديث الستة هل يلحق الربا بغيرها

[ الشرط الخامس ]: ومن شروط البيع أيضا: أن لا يكون فيه ربا عن عبادة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، سواء بسواء، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدا بيد. فمن زاد أو استزاد فقد أربى رواه مسلم .


الشرط الخامس: السلامة من الربا:
قوله: (ومن شروط البيع أيضا: أن لا يكون فيه ربا... إلخ):
ومن الشروط السلامة من الربا: ويريد المؤلف بالربا ربا الفضل، وبطريق الأولى ربا النسيئة، لأن الربا ينقسم إلى قسمين: ربا الفضل وربا النسيئة.
فربا الفضل هو: أن يبيع جنسا بجنسه متفاضلا.
وربا النسيئة: أن يبيعه بجنسه أو بغير جنسه وأحدهما غائب، وسمي نسيئة؛ لأنه من النسء الذي هو التأخير.
وذكر المؤلف حديث عبادة الذي هو في ربا الفضل، فقال صلى الله عليه وسلم: الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح هذه الأصناف عدها ستة، اثنان منها من النقود: الذهب والفضة، والأربعة من الأطعمة أو نحوها: البر والشعير والتمر والملح، فهذه الأصناف الستة هي التي ورد فيها النهي عن المبادلة فيها متفاضلة، إلا مثلا بمثل يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى.
ونذكر أمثلة من الأحاديث، ففي حديث عن بلال أنه جاء بتمر جنيب، فقال صلى الله عليه وسلم: أكل تمر خيبر هكذا؟ فقال: لا، إنا لنشتري الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، فقال: لا تفعل، بع الجمع بالدراهم، ثم اشتر بالدراهم جنيبا .
ففي هذا الحديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أرسله ليأتي بتمر من تمر خيبر كطعام لهم، فجاء بتمر جيد نفيس حسن، فاستغرب النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله هل تمر خيبر كله مثل هذا؟ فقال: لا، بل نبيع صاعين من التمر المجموع بصاع من هذا، فنبيع التمر المجموع المخلوط الذي فيه رديء وجيد بهذا الصافي، ولكن مع التفاضل، فقال: لا تفعل، إذا أردت الجيد فبع التمر المجموع بالدراهم، بعه مثلا بخمسة دراهم، ثم اشتر بالخمسة تمرا جيدا، ولا تبع تمرا بتمر متفاضلا.
إذن فهو يقول: من أراد أن يبيع تمرا بتمر فلا بد أن يكونا متساويين، ولو اختلفت القيمة، فلا تبع كيلو من السكري بعشرة مثلا من الصفري أو الخضري، وتقول: هذا غالي، وذاك رخيص، بل كيلو بكيلو أو صاع بصاع، وكذلك أنواع البر، فالبر أيضا يتفاوت بالقيمة، ومع ذلك لا يجوز إلا صاعا بصاع، ولا يجوز فيه التفاضل ولو اختلفت القيمة، وكذلك الشعير، فإذا بيع شعير بشعير، فلا بد أن يكون متفقا في المكيال: صاع بصاع أو كيلو بكيلو، وكذلك الملح، لا بد أن يكون متساويا، ولو اختلفت القيمة، أو اختلف الطعم مادام اسمه ملحا.
وكذلك الذهب فلا يباع ذهب إلا بذهب مماثل، فمثلا خمس جرامات بخمس جرامات، أو مائة جرام بمائة جرام، فإذا أرادت المرأة مثلا أن تبيع ذهبا قديما وتشتري ذهبا جديدا فلا يجوز أن تقول: أعطني مثلا مائة جرام من الذهب الجديد بمائة وعشرين جراما من الذهب المستعمل، فهذا ربا، ولو قال البائع: أعطيك مائة بمائة وعشرين، نقول: لا يجوز، فهذا عين الربا، والمشروع في هذا أن تبيع الذهب المستعمل بدراهم، ثم تشتري بالدراهم ذهبا جديدا، مثل قوله: بع الجمع بالدراهم ثم اشتر بالدراهم جنيبا فكذلك بع الذهب بدراهم، واشتر بالدراهم ذهبا جديدا.
ومثله الفضة، إذا كان مثلا خواتيم من فضة مستعملة، فلا بد أن تكون مثلا بمثل، أي: بخواتيم مماثلة، وكذلك لو بيعت بدراهم فلا تباع إلا بمثلها وزنا بوزن مثلا بمثل.
مسألة:
نص هذا الحديث على هذه الأصناف الستة، فهل يلحق بها غيرها؟
الجواب: اختلف العلماء في ذلك، فذهبت الظاهرية إلى أن الربا يقتصر على هذه الستة فحسب، أما غيرها من الأصناف فلا تدخل فيها، فيجوز بيع صاع من الأرز بصاعين من الأرز؛ لأنه لم يذكر في هذا الحديث، أو صاع من الدخن بصاعين، أو كيلو من اللحم بكيلوين، ولو كان كله لحما واحدا، فيجوز عندهم ذلك.
أما الإمام أحمد وكذلك الحنفية فألحقوا بها كل ما يكال ويوزن، وهو ما سيتكلم عنه المؤلف رحمه الله.