اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
205280 مشاهدة
اشتراط الولي في النكاح


ولا بد فيه من الولي؛ قال صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي حديث صحيح رواه الخمسة .


الشرط الثاني: الولي:
قوله: (ولا بد فيه من الولي؛ قال صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي ):
أي: لا بد في النكاح من الولي لقوله صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي وهو حديث
صحيح رواه الخمسة، أي: أهل السنن وأحمد، وهو مروي عن عدة من الصحابة؛ فروي عن أبي موسى وأبي هريرة وأبي سعيد وغيرهم من عدة طرق، فالحديث صحيح ثابت، والنفي هنا للصحة، أي: لا نكاح صحيح إلا بولي، هكذا جاء هذا الحديث.
وفي حديث آخر وإن كان ضعيفًا: لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها فهذا أيضا دليل يستأنس به على أن تزويج المرأة نفسها ليس بصحيح.
وقد ذهب إلى ذلك الأئمة الثلاثة: الإمام أحمد، والشافعي، ومالك، فقد اشترطوا الولي في النكاح، وأما أبو حنيفة فإنه يرى أن لها أن تزوج نفسها، ويقول: المرأة أملك لنفسها، وهي التي لها المصلحة فإذن يجوز لها أن تزوج نفسها، ولو كان عندها ولي يستطيع تزويجها، هذا رأي الحنفية، يبالغون في الانتصار له، ويذكرون شبهات ويذكرون حججًا، ويتكلفون في الجواب عن هذه الأدلة الصريحة الصحيحة، فيذكرون أشياء من المجادلات والمناقشات، مذكورة في كتبهم لا حاجة لنا إلى ذكرها.
وأكثر ما يستدلون به بعض النصوص مثال قول الله تعالى: فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ البقرة: 230 قالوا:( تَنْكِح) معناه هي التي تنكح ولم يقل

حتى تُنْكحوها، وكذلك يستدلون بقوله تعالى: فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ البقرة: 232 ومما فطنوا إلى قوله في أول الآية: ( تَعْضُلُوهُنّ ) يدل على أن الولي هو الذي يمنعها، فإذا منعها من كفء سمي هذا عضلا، فلو لم يكن للولي ولاية لم يقل: فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ بل قال: فلينكحن، وإذن فلا دلالة في قوله: أَنْ يَنْكِحْنَ .
ويستدلون بالحديث الآخر: الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن فقالوا: الأيم أحق بنفسها دليل على أنها تزوج نفسها، وإذا جاز ذلك فإن غيرها مثلها أحق بنفسها.
ولكن المراد بقوله في هذا الحديث: أحق بنفسها أي: لا إجبار عليها، بل تستشار في المتقدم إليها ويعرض عليها وتخبر به، ويبين لها أهليته حتى تقبل وتوافق، هذا معنى: أحق بنفسها، أي: أنه ليس لوليها إجبارها، كما في الحديث الآخر: لا تنكح الأيم حتى تستأمر .