الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
229031 مشاهدة
الحقوق المتعلقة بالتركة

وإذا مات الإنسان تعلق بتركته أربعة حقوق مرتبة:
أولها: مؤن التجهيز.
ثم الديون الموثقة والمرسلة من رأس المال.
ثم إذا كان له وصية تنفذ من ثلثه للأجنبي.
ثم الباقي للورثة المذكورين. والله أعلم.


قوله: (وإذا مات الإنسان تعلق بتركته أربعة حقوق مرتبة: أولها: مؤن التجهيز، ثم الديون الموثقة والمرسلة من رأس المال. ثم إذا كان له وصية تنفذ من ثلثه للأجنبي. ثم الباقي للورثة المذكورين):
تسمى هذه الحقوق المتعلقة بعين التركة
يُبدأ بمئونة التجهيز قبل كل شيء، فيؤخذ من ماله أجرة المُغسِّلين، ويؤخذ من ماله ثمن الكفن، ويؤخذ من ماله ثمن الحنوط، ويؤخذ من ماله أجرة الحفار إذا لم يوجد من يتبرع، فلو قال الورثة: المال لنا، نقول لهم: ليس لكم مال إلا بعد تجهيزه.
فإذا جهز تقضى بعد ذلك الديون، والديون إما أن يكون فيها رهن، وإما أن تكون بغير رهن، فيقدم الدين الذي فيه الرهن، فتباع العين المرهونة، ويعطى صاحب الدين دينه، وأما البقية التي ليس فيها رهن فتباع بقية الأموال وتوفى الديون كلها.
فإذا وفيت الديون وبرئت ذمته انتقل إلى الوصايا فإذا كان قد أوصى في آخر عمره أو أوصى بعد موته أن أعطوا فلانا كذا؛ أخرجوا ثلث تركتي أو ربعها.
وهذه الوصايا تخرج من رأس المال قبل الميراث وبعد الديون.
روي عن علي-رضي الله عنه- أنه قال: إنكم تقرءون قوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ النساء: 12 وإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالدين قبل الوصية يعني أن الآية مذكورة فيها الوصية ثم الدَّين؛ لأن الوصية قد تكون ثقيلة على الورثة، حيث إنها تبرع، فجعلها الله مقدمة حتى تسهل عليهم بخلاف الدين فإنه حق آدمي يطالب به أصحابه.
وبعدما تنتهي الوصية وتنفذ الوصايا ولو كانت لأجنبي، الباقي يكون للورثة المذكورين الذين تقدم ذكرهم.