شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
235027 مشاهدة
الفرق بين الجعالة والإجارة


والجعالة أوسع من الإجارة ؛ لأنها تجوز على أعمال القرب؛ ولأن العمل فيها يكون معلوما ومجهولا ولأنها عقد جائز، بخلاف الإجارة.


قوله: (والجعالة أوسع من الإجارة؛ لأنها تجوز على أعمال القرب؛ ولأن العمل فيها ...الخ):
يعني: مثل الحج؛ إذا جعلت لمن يحج عن ميتك كذا وكذا، وجعلت لمن يذبح ويوزع أضحيتك أو فديتك كذا وكذا، مع أنها من القرب، أو لمن يبني هذا المسجد كذا وكذا.
وأعمال القرب لا تصح فيها الأجرة، وقد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: واتخذ مؤذنا لا يأخذ على آذانه أجرا والأذان من القربات؛ فلا يصح أن يقول: أؤذن لكم بكذا وكذا، أو أؤمكم وأصلي بكم بكذا وكذا، يعني: أن يفرض أجرة على أن يصلي بهم أو يؤذن لهم، واستثنوا من ذلك الرزق من بيت المال، فلا يصح أجرة ولكن يصح جعالة، فإذا قال مثلا صاحب المسجد: من أذن بهذا المسجد فأنا أتبرع له بكذا وكذا، من دون أن يكون هناك أجرة، فله أن يأخذها، وهكذا من قام في خدمة المسجد وحراسته فتبرع له بكذا وكذا، ومن قام في إمامة المسجد فتبرع له بكذا وكذا، أو من قام بحراسة مدرسة خيرية فتبرع له بكذا وكذا، فهذه كلها تسمى جعالة، فله أن يأخذها.
والجعالة تصح على أعمال القرب؛ لأن العمل فيها يكون معلوما أو مجهولا، يعني: قد يكون العمل مجهولا، كأن تكون مثلا الحراسة تارة نصف الليل وتارة الليل كله، أو ما أشبه ذلك.
ثم إن الجعالة عقد جائز لأنه يصح أن يبطله، فيقول: أبطلت بناء هذا الحائط، أو حفر هذه البئر، أو سقي هذا الشجر، ولأنها على غير معين، والإجارة على معين.