إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
279521 مشاهدة print word pdf
line-top
الشرط الثاني معرفة المبيع والقدرة على تسليمه

[ الشرط الثاني]: وأن لا يكون فيها غرر وجهالة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الغرر رواه مسلم .
فيدخل فيه: بيع الآبق، والشارد، وأن يقول: بعتك إحدى السلعتين، أو بمقدار ما تبلغ الحصاة من الأرض ونحوه، أو ما تحمل أمته أو شجرته، أو ما في بطن الحامل.
وسواء كان الغرر في الثمن أو المثمن.


الشرط الثاني: معرفة المبيع والقدرة على تسليمه
قوله: (وأن لا يكون فيها غرر وجهالة... إلخ):
يجب أن يكون المبيع معلوما عند المتعاقدين إما برؤيته أو صفة تدل عليه، فإن كان المبيع مجهولا فإنه لا يصح بيعه؛ لأن جهالة المبيع غرر، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الغرر .
وكذلك لا بد أن يكون البائع قادرا على تسليم المبيع إلى المشتري، فلا يجوز أن يبيع شيئا غير قادر على تسليمه.
وقد مثل المؤلف -رحمه الله- على بيع المجهول ببعض الأمثلة، فمن ذلك:
*العبد الآبق: وهو الذي هرب من سيده، فقد لا يستطيع اللحاق به، فيكون غير قادر على تسليمه.
* والجمل الشارد: وكانوا في ذلك الزمان إذا شرد الجمل قد لا يستطيعون اللحاق به، فلا يجوز بيعه ما دام شاردا غير مقدور عليه.
* وكذلك قوله: بعتك إحدى السلعتين، فإذا كانتا مختلفتين فلا يجوز البيع، ولكن إذا كانتا متفقتين جاز، كأن يقول: بعتك كيسا من هذه الأكياس، والأكياس مستوية الوزن والكيل والنوع، كالأرز والبر والسكر ونحو ذلك، فيجوز أن يقول: خذ كيسا من هذه الأكياس المائة، فأما إذا قال: بعتك إحدى السلعتين، والسلعتان متفاوتتان ككيس بر وكيس قهوة، فلا يجوز إلا أن يعين المبيع.
* وكذلك نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الحصاة وهو أن يقول: ارم بهذه الحصاة، فعلى أي شاة تقع فهي لك بمائة، فقد تقع على شاة بألف، وقد تقع على شاة بخمسين، أو يقول مثلا: خذ هذا الحجر وارم به في هذه الأرض فما بلغه فهو لك بألف أو بعشرين ألفا، فقد يكون رجل ضعيف فلا يبلغ إلا عشرة أمتار، وقد يبلغ خمسين مترا، فيكون هذا غررا وضررا.
* وإذا قال: بعتك حمل هذه الشاة، فقد يكون حمل الشاة ميتا، وقد يكون حمل الشاة توأما، فيكون ضررا على هذا أو على هذا، يعني: على البائع أو على المشترى.
* وإذا قال: بعتك ما تحمل به هذه الشجرة، أو هذه النخلة، فقد يفسد حملها، وقد يكون قليلا، وقد يكون كثيرا، فيحصل ضرر على هذا أو على هذا.
* أو كقوله: بعتك ما في بطن هذه الأمة، أو ما في بطن هذه الناقة، فقد يكون ميتا، وقد يكون توأما، فيحصل بذلك ضرر على هذا أو على هذا، فيندم أحدها.
قوله: (وسواء كان الغرر في الثمن أو المثمن):
ومن شروط البيع أن يكون الثمن معلوما للمتعاقدين، فلا يجوز الغرر في الثمن. فإذا قال مثلا: بعتك بما في يدك من الدراهم، أو اشتريته بما في يدي، ولا يدري مقدار ما معه، ففي هذا أيضا غرر، فقد لا يكون بيده إلا القليل، وقد يكون الذي بيده ذهبا أو فضة فيكون كثيرا، فلا بد أن يكون الغرر منتفيا عن المبيع وعن الثمن.
ومن أمثلة الغرر والجهالة:
بيع السمك في الماء، فلا يجوز؛ لأنه غرر، وغير مقدور على تسليمه، وغير معلوم النوع، فهناك سمك ثمين وسمك رخيص ونحو ذلك.
وكذلك بيع الطائر في الهواء، لأنه غير مقدور على تسليمه، فبيعه غرر، أما إذا كان الطائر غير مقبوض ولكنه في مكان محاط، في مثل حجرة مغلقة النوافذ ومغلقة الأبواب، ويستطيع أن يمسكه ويسلمه للمشتري جاز ذلك، وأما إذا كان في الهواء فلا يجوز؛ لأنه قد لا يقدر على إمساكه فيكون غررا.

line-bottom