شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
229844 مشاهدة
الشرط السادس أن يكون المبيع مباحا

[ الشرط السادس]: ومن الشروط: أن لا يقع العقد على محرم شرعا:
إما لعينه، كما نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الخمر والميتة والأصنام متفق عليه .
وإما لما يترتب عليه من قطيعة المسلم، كما نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن البيع على بيع المسلم، والشراء على شرائه، والنجش متفق عليه .


الشرط السادس: أن يكون المبيع مباحا
قوله: (ومن الشروط: أن لا يقع العقد على محرم شرعا... إلخ):
يعني: من شروط البيع أن يكون المبيع مباحا، يباح الانتفاع به بكل حال، فيخرج ما لا يجوز بيعه مثل: المحرمات؛ كالكلاب، والسباع، والخمور، وآلات الغناء، والصور، وما أشبهها، فإن بيعها باطل؛ لأنها محرمة، والذي يشتريها يستعملها في محرم، والذي يبيعها يعين بها على محرم.
كذلك إذا كان التحريم شرعيا ليس تحريما عقليا؛ لأن تحريم الخمور مثلا والميتات والخنازير تحريم عقلي؛ لأن العقل يؤيده، ولكن تحريم الربا وتحريم العينة وما أشبهها محرم شرعا، فإذا كان المبيع محرما في الشرع أو محرما في العقل، فإن العقد عليه باطل، ودليل ذلك حديث جابر قال: نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الخمر والميتة والأصنام فالخمر محرم شرعا والعقل يؤيد تحريمه، والميتة محرمة شرعا وطبعا، والأصنام محرمة شرعا؛ لأنه لا نفع فيها.
كذلك الذي يحرم لما يترتب عليه من القطيعة بين المسلمين، كقوله صلى الله عليه وسلم: لا يبع بعضكم على بيع بعض فقد نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يبيع أحدكم على بيع أخيه أو يشتري على شراء أخيه؛ لأنه يسبب التقاطع والتشاحن.
وصورة البيع على بيع أخيه إذا رأيت أخاك يبيع سلعة وليكن ثوبا بعشرة دراهم، فدعوت المشتري قبل أن يتفرقا، وقلت له: أنا أبيعك بتسعة، فإن أخاك يسخط عليك، ويحقد عليك، ويحدث بينك وبينه عداوة، إلا إذا كان بيع مزايدة أو بيع مناقصة.
وبيع المناقصة أن تعلن- مثلا- شركة عن رغبتها في سيارات، فيأتيهم هذا فيقول: عندي سيارات وسعرها ستون، ثم يأتي آخر فيقول: عندي سيارات سعرها تسعة وخمسون، ثم يأتي آخر فيقول: عندي سيارات سعرها ثمانية وخمسون، فهذا بيع المناقصة.
وكذلك شراء المزايدة : فإذا عرضت في السوق سلعة، فقال هذا: أنا أشتريها بعشرين، فقال الثاني: بل بواحد وعشرين، فقال الثالث: بل باثنين وعشرين، فهذا يسمى بيع المزايدة.
قد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلا يسأل، فقال: ألا تملك شيئا، فأخبر بأن عنده قدحا وإناء، فقال: ائتني بهما، فقال: من يشتريهما، فقال رجل: بدرهم، فقال: من يزيد على درهم فقال آخر: بدرهمين، ثم باعها بالمزايدة، ثم أمره أن يشتري فأسا وحبلا، وأن يحتطب وأن يبيع وأن يغني نفسه . فالحاصل أن هذا هو بيع مزايدة
أما عدم المزايدة فمثلا إذا رأيت أخاك اشترى ثوبا بعشرة، وهو محتاج إليه، وبعدما تم البيع، إلا أنهما لم يتفرقا، قلت للبائع: أنا أشتريه منك بأحد عشر، فانتزعه من المشتري الأول وباعه عليك، فهذا لا يجوز؛ لأنه يسبب البغضاء بين الناس.
كذلك ثبت عن النبي أنه قال: لا تدابروا، ولا تقاطعوا، ولا تحاسدوا، ولا تناجشوا والنجش هو: الزيادة في السلعة ممن لا يريد شراءها، فإما أنه يريد نفع البائع أو ضرر المشتري، فالناجش خاطىء، فإذا- مثلا- عرض هذا الكتاب وقيمته عادة خمسة دراهم، وهناك إنسان بحاجة إليه، ولكنه لا يعرف القيمة، فجاء إنسان فقال: بستة، فصاحبنا الذي أراده قال: أشتريه بسبعة، فقال هذا الناجش: بثمانية، فقال صاحبنا: بتسعة، فقال الناجش: بعشرة، فقال صاحبنا: بأحد عشر، وقيمة الكتاب أصلا خمسة دراهم، وهذا الناجش لا يريد شرائه، وليس له حاجة إليه، ولكن يريد أن يزيد فيه حتى ينفع البائع؛ أو يريد ضرر المشتري فهذا حرام.