شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
283508 مشاهدة print word pdf
line-top
تعريف السلم

[ باب: السلم ] .


[ باب: السلم]
السلم هو: عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض بمجلس العقد.
وهذا التعريف كأنه يتضمن شروطه.
وله تعريف آخر وهو: بيع شيء غائب مؤجل بثمن حاضر.
ويحتاج إلى بيع السلم - مثلا- أهل البساتين، وكذلك أيضا بعض التجار، فصورته في البساتين: أن إنسانا- مثلا- يريد أن يزرع هذه الأرض، ولكنه بحاجة إلى دراهم، فيأتي إليك وعندك دراهم، فيقول: أبيعك في ذمتي خمسمائة صاع من البر الذي صفته كذا وكذا، وكل صاع بريالين مقدما، فتعطيني الدراهم الآن، وأعطيك البر بعد الحصاد أو بعد نصف سنة أو بعد خمسة أشهر.
ويعرفون السلم كذلك بأنه: ما عجل ثمنه وأجل مثمنه.
والسلم فيه منفعة للطرفين، فالمشتري حصل له بيع رخيص، فاشترى الصاع بريالين، مع أنه الآن يساوي ثلاثة أو أربعة، والبائع حصلت له هذه الدراهم فينتفع بها، فيأخذ هذه الدراهم ويشتري بها بذورا، ويشتري منها أدوات الحرث وما أشبه ذلك، ويعطي منها أجرة العمال، فكل منهما قد انتفع.
ومثلها أيضا صاحب النخل، فالنخل يحتاج إلى سقي، ويحتاج إلى تلقيح، ويحتاج إلى تركيب، ويحتاج إلى حرث، وصاحبه ليس عنده دراهم، فيأتي إليك وعندك دراهم فيقول: أبيعك -مثلا- خمسة آلاف كيلو من التمر الجاف الذي لونه كذا وكذا، وكل كيلو بريال، فتسلم لي الدراهم الآن خمسة آلاف، وأسلم لك التمر بعد نصف سنة، فيجوز ذلك؛ وذلك لأنه ينتفع بهذه الدراهم، وأنت إذا جاءك التمر تبيع الكيلو -مثلا- بثلاثة أو بأربعة أو بريالين فتربح؛ لأنه جاءك رخيصا.

line-bottom