إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
290658 مشاهدة print word pdf
line-top
من له حق الولاية على المجنون والسفيه

ووليهم: أبوهم الرشيد، فإن لم يكن: جعل الحاكم الوكالة لأشفق من يجده من أقاربه، وأعرفهم، وآمنهم.
ومن كان غنيا فليتعفف، ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف: وهو الأقل من أجرة مثله أو كفايته.


قوله (ووليهم: أبوهم الرشيد. فإن لم يكن: جعل... إلخ):
ولي المجنون والسفيه هو: أبوهم إذا كان رشيدا، فإن لم يكن لهم أب كأن يكون قد توفي، فوليهم أقرب من يكون من أقاربهم إذا كان صالحا، والحاكم هو الذي يجعل الولاية لأشفق من يكون من أقاربه، يعني: أرحم أقاربه به وأحرصهم على مصلحته.
قوله: (ومن كان غنيا فليتعفف... إلخ):
يقول الله تعالى: وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ النساء: 6 أي: إذا قدر أن الولي أخذ يتصرف في أموالهم وينميها في تجارة وربح فيها، وهو فقير، فإنه يأخذ من أرباح الأموال ما يغنيه ويسد حاجته، فإن كانت حاجته لا تكفي إلا أن يأخذ كثيرا، فلا يأخذ إلا قدر أجرته.
إذا كان مال هذا اليتيم مائة ألف، فجاء رجل وقال: أنا أحفظه وأنميه، ولي على حفظه وتنميته- مثلا- كل سنة عشرة آلاف، فالولي يقول: أنا أولى به مادام أنه مال قريبي، ولكني فقير، نقول: كم يكفيك؟ فيقول: خمسة آلاف، نقول:
اقتصر عليها، ولو كان غيرك يطلب عشرة.
فإذا قال: لا يكفيني إلا خمسة عشر ألفا، فإنا نقول: اقتصر على أجرة غيرك وهو العشرة ولا تزد؛ لأنه لو كان غيرك يتصرف فيه لم يأخذ إلا عشرة.
فالحاصل إن كفاه خمسة آلاف اقتصر عليها، وإن لم يكفه إلا خمسة عشر فيقتصر على عشرة، وهذا معنى قوله تعالى: فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ النساء: 6 فالمعروف هو: الأقل من أجرة مثله أو كفايته؛ أجرة مثله العشرة أو كفايته الخمسة إذا كانت أقل.

line-bottom