اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
290638 مشاهدة print word pdf
line-top
أحكام العاصب

وحكم العاصب: أن يأخذ المال كله إذا انفرد، وإن كان معه صاحب فرض أخذ الباقي بعده، وإذا استغرقت الفروض التركة لم يبق للعاصب شيء، ولا يمكن أن تستغرق مع ابن الصلب، ولا مع الأب.


قوله: (وحكم العاصب: أن يأخذ المال كله إذا انفرد... إلخ):
العاصب أحكامه ثلاثة:
أولا: إذا انفرد حاز المال، فمثلا: إذا كان الميت ليس له إلا عمه أخو أبيه، فإنه يأخذ المال كله لأنه انفرد، أو ابن عمه أو أخوه أو ابن أخيه.
ثانيا: إذا كان معه أصحاب فروض أخذ ما يبقى بعدهم، مثاله: إذا كان الميت امرأة ولها زوج وأم وعم فنعطي الزوج النصف ونعطي الأم الثلث، ويبقى السدس فنعطيه للعم تعصيبا.
وهكذا لو لم يبق إلا أقله، فلو كان معنا أختان شقيقتان وزوجة وعم، الأختان الشقيقتان لهما الثلثان، ثمانية من اثني عشر، والزوجة لها الربع؛ ثلاثة من اثني عشر، فبقي واحد هو نصف السدس، يأخذه العم.
وهكذا لو كان عندنا بنتان للميت، وزوجة وأم وعم، فالبنتان لهما الثلثان؛ ستة عشر من أربعة وعشرين، والأم لها السدس، أربعة من أربعة وعشرين، هذه عشرون، والزوجة لها الثمن، ثلاثة من أربعة وعشرين، وبقي ثلث الثمن يأخذه العم الذي هو العاصب. فهو يأخذ ما بقي قل أم كثر.
ثالثا: إذا استفرقت الفروض التركة سقط، كما لو كان الميت امرأة ولها زوج وأم وأخت من الأم وعم، ففي هذه الحال نعطي الزوج النصف، وهو ثلاثة من ستة، ونعطي الأم الثلث، وهو اثنان، ونعطي الأخت من الأم السدس، والعم يسقط، لأن الفروض استغرقت التركة، ولم يبق للعم شيء؛ لأنه عاصب، والعاصب إنما يأخذ ما بقي بعد أهل الفروض.
قوله: (ولا يمكن أن تستغرق مع ابن الصلب، ولا مع الأب):
أما مع ابن الابن فقد تستغرق.
لماذا لا تستغرق مع الابن؟
الجواب: لأن الابن ينقص الزوج أو الزوجة، وينقص الأب والأم، ولا يرث مع الابن من أهل الفروض إلا الزوج أو الزوجة والأم والأب، ويسقط البنات أو يعصبهن، ويسقط أولاد الابن، ويسقط الإخوة، ويسقط الأخوات، ويسقط الأجداد والجدات.
فإذا كان معنا أب وأم وزوج وابن، فإن ما يبقى بعد الفروض للابن؛ لأن الزوج ليس له إلا الربع، أنقصه الابن، والأبوين لكل واحد منهما السدس؛ لقوله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فيكون عندنا سدسان وربع، فتكون المسألة من اثني عشر، فربع الاثني عشر ثلاثة، وسدسها اثنان، وسدسها الثاني اثنان، ويبقى خمسة للابن.
كذلك الأب لا يسقط بحال، ولكن قد تستغرق الفروض التركة وتعول له المسألة، ونقول: تعول له لأنه وارث بكل حال، فلو فرضنا مثلا أن عندنا بنتين، وزوجا، وأما، وأبا، فالمسألة من اثني عشر؛ لأن الزوج لا يرث إلا الربع مع البنات؛ فالزوج له ثلاثة، والبنتان لهما ثمانية من اثني عشر، هذه أحد عشر، والأم لها اثنان، هذه ثلاثة عشر، فهكذا استغرقت. الفروض، فهل يسقط الأب؛ الجواب: لا يسقط الأب لأن الله تعالى جعل له فرضا لقوله: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ النساء: 11 فتعول المسألة إلى خمسة عشر.

line-bottom