تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
229110 مشاهدة
الحقوق المتعلقة بالتركة

وإذا مات الإنسان تعلق بتركته أربعة حقوق مرتبة:
أولها: مؤن التجهيز.
ثم الديون الموثقة والمرسلة من رأس المال.
ثم إذا كان له وصية تنفذ من ثلثه للأجنبي.
ثم الباقي للورثة المذكورين. والله أعلم.


قوله: (وإذا مات الإنسان تعلق بتركته أربعة حقوق مرتبة: أولها: مؤن التجهيز، ثم الديون الموثقة والمرسلة من رأس المال. ثم إذا كان له وصية تنفذ من ثلثه للأجنبي. ثم الباقي للورثة المذكورين):
تسمى هذه الحقوق المتعلقة بعين التركة
يُبدأ بمئونة التجهيز قبل كل شيء، فيؤخذ من ماله أجرة المُغسِّلين، ويؤخذ من ماله ثمن الكفن، ويؤخذ من ماله ثمن الحنوط، ويؤخذ من ماله أجرة الحفار إذا لم يوجد من يتبرع، فلو قال الورثة: المال لنا، نقول لهم: ليس لكم مال إلا بعد تجهيزه.
فإذا جهز تقضى بعد ذلك الديون، والديون إما أن يكون فيها رهن، وإما أن تكون بغير رهن، فيقدم الدين الذي فيه الرهن، فتباع العين المرهونة، ويعطى صاحب الدين دينه، وأما البقية التي ليس فيها رهن فتباع بقية الأموال وتوفى الديون كلها.
فإذا وفيت الديون وبرئت ذمته انتقل إلى الوصايا فإذا كان قد أوصى في آخر عمره أو أوصى بعد موته أن أعطوا فلانا كذا؛ أخرجوا ثلث تركتي أو ربعها.
وهذه الوصايا تخرج من رأس المال قبل الميراث وبعد الديون.
روي عن علي-رضي الله عنه- أنه قال: إنكم تقرءون قوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ النساء: 12 وإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالدين قبل الوصية يعني أن الآية مذكورة فيها الوصية ثم الدَّين؛ لأن الوصية قد تكون ثقيلة على الورثة، حيث إنها تبرع، فجعلها الله مقدمة حتى تسهل عليهم بخلاف الدين فإنه حق آدمي يطالب به أصحابه.
وبعدما تنتهي الوصية وتنفذ الوصايا ولو كانت لأجنبي، الباقي يكون للورثة المذكورين الذين تقدم ذكرهم.