إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
291070 مشاهدة print word pdf
line-top
تعريف المُدَبَّر

فإن علق عتقه بموته فهو المُدَبَّر، يعتق بموته إذا خرج من الثلث؟ فعن جابر أن رجلاً من الأنصار أعتق غلامًا له عن دبر لم يكن له مال غيره، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: من يشتريه مني؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله بثمانمائة درهم، وكان عليه دين فأعطاه، وقال: اقض دينك. متفق عليه .


قوله (فإن علق عتقه بموته فهو المُدَبَّر... إلخ):
التدبير هو: أن يقول: إذا مت فإن عبدي حر، وسمي تدبيرًا؛ لأن
الموت دبر الحياة، كأنه يقول: يكون حرًّا دبر حياتي، يعني: بعد حياتي، هذا يسمى مدبرًا، فالمدبر معلق عتقه بالموت.
ويجوز تعليق العتق بغير الموت يعني: بشرط، كأن يقول مثلا: إذا ولد لي مولود ذكر فهذا العبد حر، أو يقول مثلا: إذا شفيت من المرض فهذا العبد حر، أو إذا ربحت في هذه التجارة كذا وكذا، فهذا العبد حر، يصير معلقًا بشرط.
قوله: (يعتق بموته إذا خرج من الثلث؛ فعن جابر... إلخ):
يعني: لو أعتقه في مرض موته فإنه لا يعتق منه إلا بقدر ثلث التركة، كما في حديث عمران بن حصين أن رجلاً عند موته أعتق ستة مماليك ليس عنده مال غيرهم، فدعا بهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فجزأهم ثلاثة أقسام ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة؛ وذلك لأنه لا يملك إلا الثلث، وقد تقدم قوله: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة في أعمالكم .
فالمدبر لا يعتق إلا إذا خرج من الثلث، ومع ذلك يجوز بيعه قبل الموت، والدليل عليه هذا الحديث، فعن جابر أن رجلاً من الأنصار أعتق غلامًا له عن دبر، لم يكن له مال غيره قال: إذا مت فعبدي حر، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكر له أن عليه دينًا، فقال: من يشتريه مني؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله بن النحام بثمانمائة درهم، وكان عليه دين فأعطاه، وقال: اقض دينك دل على أنه يجوز بيعه ولو كان مدبرا.

line-bottom