قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
229471 مشاهدة
الشرط الثالث الشهادة على النكاح وإعلانه

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- أعلنوا النكاح رواه أحمد .
ومن إعلانه: شهادة عدلين، وإشهاره وإظهاره، والضرب عليه بالدف، ونحوه.


قوله: (وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أعلنوا النكاح ):
فلا يجوز إسرار النكاح، وذلك لأنه أولا: من أسباب الفرح، فالناس يسرون ويفرحون إذا رأوا حفلات النكاح، وثانيًا: أنه ربما يكون بينهما سبب محرم، فإذا أعلن عرف أن فلانًا تزوج بفلانة وكان عند إنسان خبر أنه رضع معها أو أن بينهما قرابة أو نحو ذلك، أفاد بالخبر الذي عنده.
الشرط الثالث: الشهود:
قوله: (ومن إعلانه: شهادة عدلين، وإشهاره وإظهاره، والضرب عليه بالدف، ونحوه):
كأن المؤلف -رحمه الله- يرى أن الإظهار والإشهار لا يكفي عن الشهادة، والمشهور عن مالك أنه يكفي الإعلان والإشهار عن الشهادة.

والصحيح أنه لا بد من الإشهاد عليه بشاهدي عدل على الأقل لكي يكون ذلك إعلانًا، ثم بعد ذلك إشهاره، وإظهاره في المجالس؛ حيث يتناقل الخبر بأن فلانا تزوج فلانة، ثم عند الحفل يكون الضرب بالدف، كما ورد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف .
والدف هو الآلة التي فيها جلد؛ لوح رقيق يختم أحد جوانبه بجلد مدبوغ دبغًا يسيًرا قد مزق أو زال شعره، إذا ضرب يسمع له رنين، أما إذا كان مختوم الجانبين فإنه يسمى طبلا والطبول منهي عنها، فلا يجوز استعمال الطبول. والدف يستعمل لأنه أخف ضربًا.
والحكمة في ضربه إعلان النكاح وكذلك أيضا إظهار شيء من الفرح والسرور، وذلك لأنه عليه السلام <متن_ح ربط=Hits200778.htm معياري=لما أخبر مرة بزفاف قال هلا أرسلتم من يقول أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم > لما أخبر مرة بزفاف قال: هلا أرسلتم من يقول:
أتيناكم أتيناكم فحيونـا نحـييكم
.
إلى آخر الأبيات- أو كما قال صلى الله عليه وسلم أخرجه الإمام أحمد (3 / 391- 4 / 77، 78) عن جابر رضي الله عنه.
ورواه ابن ماجه برقم (1900) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وتتمة الأبيات جاءت في رواية الطبراني كما قال الألباني في آداب الزفاف ص 181:
<شطر> لـولا الــذهب الأحمـ
[close]
<شطر> ر مـا حــلت بواديـكم
[close] <شطر> لولا الحنـطة السـمرا
[close]
<شطر> ء مـا سـمـنت عذاريكم
[close]

وقد ضعف الألباني هذه الرواية، ولكن وجد لها طريقًا أخرى عن عائشة يتقوى بها كما ذكر ذلك في الإرواء رقم (1995).
يعني رغبهم في أن يأتوا بمثل هذه التحيات والترحيبات، وما أشبه ذلك.
فهذا من إظهار الفرح ولا بأس به إن شاء الله، ولكن الناس توسعوا في هذه الأزمنة بحيث إنهم لم يقتصروا على الكلمات المباحة؛ بل استعملوا الكلمات الفاحشة فيذكرون في غنائهم العورات والاتصالات الجنسية، ويصفون محاسن المرأة أنها ذات كذا وذات كذا حتى يجلوها للناس، وكذلك يبالغون في المديح؛ يعني: في مدحه أو مدحها أو ما أشبه ذلك.
هذه المبالغة لا تجوز، وكذلك أيضا طول المدة؛ بحيث يمكثون مثلا إلى طلوع الفجر أو آخر الليل أو نحو ذلك، هذا أيضا ممنوع؛ بل الأصل أنها ساعة أو ساعتان يظهر فيها الفرح، ثم بعد ذلك يذهب الزوج بامرأته ويذهب الناس.