إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
تخفيف الصداق
ينبغي تخفيفه.
رسم> وسئلت عائشة: كم كان صداق النبي -صلى الله عليه وسلم- ؟ قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عثرة أوقية ونشًّا، أتدري ما النش؟ قلت: لا، قالت: نصف أوقية. فتلك خمسمائة درهم متن_ح> رسم> رواه مسلم اسم> حديث> .
رسم> وأعتق صفية وجعل عتقها صداقها. متن_ح> رسم> متفق عليه حديث> .
وقال لرجل: رسم> التمس ولو خاتما من حديد متن_ح> رسم> متفق عليه حديث>
فكل ما صح ثمنًا وأجرة- وإن قل- صح صداقًا.
قوله: (ينبغي تخفيفه):
وذلك لأنه إذا تغالى الناس فيه حصل مضرة على الرجال والنساء، فكثير من الرجال قد لا يجد المهور الغالية التي يتنافس الناس فيها كمئة ألف أو قريب منها، وكذلك تتضرر كثير من النساء فيتعطل كثير منهن فيتأيمن، ويبلغن سن الإياس أو العنوسة وهن لم يتقدم إليهن أحد لتشدد أوليائهن في الصداق، ولذلك يسن تخفيفه والاقتصار على الحاجات الضرورية كالكسوة والحلي مثلا، وعلى تأثيث المنزل بالأثاث الضروري اللازم، أما المباهاة والمكاثرة ونحو ذلك فإنها ضرر على الزوجين.
وقد ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في النساء: رسم> أعظم النساء بركة أيسرهن مئونة متن_ح> رسم> أي: أيسرهن تكلفة وأيسرهن صداقًا، رسم> وجاءه رجل فذكر أنه تزوج على أربع أواق، فاستنكر ذلك فقال: كأنكم تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، لا أجد لك إعانة متن_ح> رسم> أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، وكل هذا دليل على أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يحث على تخفيف المهور رأس>
قوله: (وسئلت عائشة: كم كان صداق النبي -صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: كان صداقه... إلخ):
في هذا الحديث بيان مقدار صداق النبي -صلى الله عليه وسلم- لأزواجه، فلما سئلت عائشة -رضي الله عنها- عن ذلك قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشًّا.
والأوقية: أربعون درهمًا، والدرهم قطعة من الفضة صغيرة، فإذا ضربت اثني عشر أوقية في أربعين درهما وجدتها أربعمائة وثمانين درهما، والنش نصف أوقية كما قالت عائشة، أي: عشرون، فيكون المجموع خمسمائة درهم، هكذا كان صداق نساء النبي عبيد.
ويستثنى من ذلك أم حبيبة -رضي الله عنها- فقد أصدقها النجاشي أربعة آلاف دينار من الذهب؛ وذلك لأنه ملك من الملوك وعنده الأموال وافرة، وقد أحب النبي -صلى الله عليه وسلم- فأحب أن يصنع معه معروفًا فدفع لها هذا المهر.
أما صداق بناته فأربعمائة درهم لم يزد على ذلك.
قوله: (وأعتق صفية وجعل عتقها صداقها):
واستثنى أيضا صفية بنت حمى بن أخطب -رضي الله عنها- فقد كان أبوها من يهود بني النضير في المدينة، ثم إنه لما أجلي بني النضير عن المدينة رحل أبو ياسر
وحيي ابنا أخطب ونزلا في خيبر، ثم إن حمى بن أخطب لما جاء الأحزاب جاء إلى بني قريظة وحملهم على أن ينقضوا العهد واشترطوا عليه أنه إذا رجعت الأحزاب أن يدخل معهم، فدخل معهم فقتل مع بني قريظة فبقيت ابنته زوجة لرجل في خيبر فقتل زوجها، فلما كانت في السبي أخذها النبي -صلى الله عليه وسلم- واصطفاها
لنفسه وأعتقها، وجعل عتقها صداقها ولم يدفع إليها شيئًا، وأصبحت كأمهات المؤمنين.
قوله: (وقال لرجل: رسم> التمس ولو خاتمًا من حديد متن_ح> رسم> ):
في حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: رسم> جاءت امرأة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله ، جئت أهب لك نفسي، قال: فنظر إليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصعد النظر فيها وصوبه، ثم طأطأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما رأت المرأة أنه لم يقضِ فيها شيئًا جلست، فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله ، إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال: وهل عندك من شيء، قال: لا والله يا رسول الله... إلى أن قال له صلى الله عليه وسلم: انظر ولو خاتمًا من حديد متن_ح> رسم> تقليلاً للمهر وتيسيرًا له، فلما لم يجد ذلك الرجل شيئًا زوجه إياها على أن يعلمها شيئًا من القرآن، فقال صلى الله عليه وسلم رسم> زوجتكها بما معك من القرآن متن_ح> رسم> فقال: علمها عشرين آية أو نحوها، فجعل تعليم القرآن صداقًا.
كذلك قالوا: يصح أن. يعلمها علمًا فيه فائدة فيجعل ذلك مهرًا، كأن يعلمها بابا من أبواب الفقه أو جملة من الأحاديث النبوية يكررها حتى تحفظها، أو سورًا
من القرآن أو نحو ذلك، فكل هذا يعتبر مما يؤخذ عليه العوض.
قوله: (فكل ما صح ثمنًا وأجرة- وإن قلّ- صح صداقًا):
رسم> جاءت امرأة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقالت: إنها تزوجت على نعلين، قال: أرضيت من نفسك ومن مالك بنعلين؟ قالت: نعم، فأجاز نكاحها على نعلين متن_ح> رسم> فدل ذلك على صحة الصداق وإن قل.
مسألة>