الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
313307 مشاهدة print word pdf
line-top
حالات الطلاق البائن

ويقع الطلاق بائنا في أربع مسائل: هذه إحداها، وإذا طلق قبل الدخول؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا الأحزاب: 49 وإذا كان في نكاح فاسد، وإذا كان على عوض.
.


قوله: (ويقع الطلاق بائنًا في أربع مسائل: هذه إحداها):
يقع الطلاق بائنًا في أربع حالات
* الحالة الأولى: إذا طلقها ثلاثًا مجموعة أو متفرقة، وكأن الشيخ ابن سعدي -رحمه الله- يرى أنها إذا جمعت وقعت بها البينونة، مع أنه كثيرًا ما يختار اختيارات شيخ الإسلام، لكنه هنا أطلق فذكر أنها تبين للثلاث ولو مجموعة في جلسة واحدة.
قوله: (وإذا طلق قبل الدخول... إلخ):
* هذه هي الحالة الثانية: إذا طلق قبل الدخول فإنها تقع بائنة، لقوله تعالى:

إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا الأحزاب: 49 إذا عقد عليها وقبل أن يدخل بها قال: أنت طالق، أو: هي طالق، فإنها تبين منه.
والبينونة تنقسم إلى قسمين: بينونة كبرى، وبينونة صغرى.
فالبائن بينونة كبرى هي: المطلقة ثلاث طلقات متفرقة أو مجموعة على القول الصحيح المشهور، فهذه بينونتها كبرى، أي: لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره.
والبائن بينونة صغرى هي، المطلقة قبل الدخول، بمعنى: أنه لا يقدر على مراجعتها، ولكن يمكن نكاحها بعقد جديد ومهر جديد إذا رضيت به.
قوله: (وإذا كان في نكاح فاسد):
* هذه هي الحالة الثالثة: إذا نكحها نكاحًا فاسدًا ثم فارقها فهي بائنة بينونة صغرى، وقد تقدمت أمثلة له: كنكاح المتعة ونكاح الشغار ونكاح التحليل والنكاح في العدة ؛ والنكاح بلا ولي فإذا نكحها نكاحًا فاسدًا ثم فارقها فلا رجعة له عليها.
قوله: (وإذا كان على عوض):
* هذه هي الحالة الرابعة: وهي الخلع؛ فإذا فارقها على عوض فإنها تبين منه؛ لأنها ما بذلت المال إلا لأنها تريد التخلص منه، فلا يملك الرجعة، لكن لو

تراضوا بينهم واصطلحوا فإنه ينكحها بعقد ومهر جديدين.
فالبينونات إذن أربع: الطلاق ثلاث مرات بينونة كبرى، والطلاق قبل الدخول مرة بينونة صغرى، وتحل له بعقد جديد، والفراق في نكاح فاسد بينونة صغرى، والفراق على عوض بينونة صغرى.

line-bottom