إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
235221 مشاهدة
عدة غير الحائض

- وإن لم تكن تحيض- كالصغيرة، ومن لم تحض، والآيسة- فعدتها ثلاثة أشهر؛ لقوله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ الطلاق: 4 .
- فإن كانت تحيض وارتفع حيضها لرضاع ونحوه: انتظرت حتى يعود الحيض فتعتد به.
- وإن ارتفع ولا تدري ما رفعه: انتظرت تسعة أشهر احتياطًا للحمل، ثم اعتدت بثلاثة أشهر .
- وإذا ارتابت بعد انقضاء العدة لظهور أمارات الحمل لم تتزوج حتى تزول الريبة.


قوله: (وإن لم تكن تحيض- كالصغيرة، ومن لم تحض، والآيسة- فعدتها ثلاثة أشهر ... الخ):
الصغيرة هي: التي لم تبلغ سن المحيض، فإذا تزوجها مثلاً وسنها أربعة عشر أو ثلاثة عشر أو خمسة عشر ولكنها ما بدأها الحيض؛- لأن بعض النساء لا تحيض إلا في سن العشرين أو السابعة عشر، وبعضهن يحضن في العاشرة أو الثانية عشر- فالحاصل أنها إذا لم تحض فعدتها ثلاثة أشهر.
وكذلك من لم تحض، فقد يوجد من النساء من لم تحض طول حياتها، وهذه أيضا عدتها ثلاثة أشهر.
وكذلك الآيسة التي انقطع حيضها لكبر، كابنة خمسين أو ستين، فهذه ينقطع عنها الحيض غالبًا، قال تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ الطلاق: 4 اللائي يئسن من المحيض واللائي لم يحضن عدتهن ثلاثة أشهر أي: بدل ثلاث حيض.

والحكمة في العدة للمطلقة بثلاثة أشهر أو بثلاث حيض هي تمكينه من الرجعة إذا كان الطلاق رجعيًا، أو احتياطًا للنكاح حتى لا تتزوج وهي حامل أو نحو ذلك.
قوله: (فإن كانت تحيض وارتفع حيضها لرضاع ونحوه: انتظرت حتى يعود الحيض فتعتد به):
يعني: إذا ارتفع حيضها بسبب إرضاع أو مرض فإنها تنتظر حتى يعود الحيض فتعتد به؛ لأن بعض النساء إذا أرضعت طفلها توقف الحيض وانقلب الدم لبنا فلا تحيض حتى تفطمه، فإذا طلقها وهي ترضع فإنها تبقى في العدة حتى تفطم ولدها ثم يعود لها الحيض فتعتد بثلاث حيض، إذا عرف أنها لا تحيض لأجل الرضاع.
قوله: (وإن ارتفع ولا تدري ما رفعة: انتظرت تسعة أشهر... إلخ):
يعني إن ارتفع ولا تدري ما الذي رفعه، هل هو حمل أو مرض أو غير ذلك؟ لأنها لا تزال شابة لم تبلغ سن الإياس؛ ففي هذه الحال تنتظر تسعة أشهر احتياطا مخافة أن تكون حاملاً، فإذا مضت التسعة الأشهر اعتدت بثلاثة أشهر عدة الإياس.

قوله: (وإذا ارتابت بعد انقضاء العدة... إلخ):
أي: إذا ارتابت وشكت بعد انقضاء العدة وخافت أن يكون بها حمل، فإنها لا تتزوج حتى تتحقق براءة رحمها وتزول الريبة، لأن بعض النساء قد يبقى فيها الحمل مدة طويلة وهذه تسمى بالعوار، فإذا تحققت أنها حامل فلا تتزوج حتى تضعه ولو طالت المدة.