الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
229184 مشاهدة
الأحق بالحضانة

وهي واجبة على من تجب عليه النفقة.
ولكن الأم أحق بولدها ذكرًا كان أو أنثى، إن كان دون سبع، فإذا بلغ سبعًا: فإن كان ذكرًا خير بين أبويه، فكان مع من اختار، وإن كانت أنثى فعند من يقوم بمصلحتها من أمها أو أبيها.
ولا يترك المحضون بيد من لا يصونه ويصلحه.


قوله: (وهي واجبة على من تجب عليه النفقة):
أي: على الأب فهو الذي يقوم بالحضانة ولكن الغالب أنه لا يتولاها ولكنه ينفق على من يتولاها، فإذا ماتت زوجته ولها أطفال وطلبت خالتهم أن تحضنهم فإنه ينفق عليها مقابل حضانتها لأولاده؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: الخالة بمنزلة الأم .
قوله: (ولكن الأم أحق بولدها ذكرًا كان أو أنثى، إن كان دون سبع، فإذا بلغ سبعًا... الخ):
يعني: أن الأم أولى بحضانة البنين والبنات دون سبع سنين، وأما إذا بلغوا سبع فأكثر فيقال له- إذا كان ذكرًا- اختر أباك أو أمك، فإذا اختار أحدهما فهو معه.
أما الأنثى فإنها بعد تمام سبع سنين تكون عند من يقوم بمصلحتها من أم أو أب؛ وذلك لأنها بحاجة إلى من يصونها فإذا كان الأب يصونها والأم تهملها

كأن تتركها تخرج وتلعب ويتعرض لها الفسقة فلا يجوز تركها عند الأم، وكذلك إذا كان الأب ينشغل عنها ويوليها من لا يقوم بمصلحتها فإنها تكون عند الأم ولو بعد البلوغ، فتكون عند من يحفظها ويصونها ويقوم بمصلحتها.
قوله: (ولا يترك المحضون بيد من لا يصونه ويصلحه):
فإذا عرف أنه إذا كان عند أمه ذكرًا كان أو أنثى فإنها تصونه وتتولاه وتحفظه وتحميه وتعلمه وتقوم بمصالحه وتنصحه لا يختلط بمن يفسده؛ فأمه أولى من أبيه إذا كان أبوه منشغلاً في وظيفته لا يتفرغ له ولا إلى تربيته ويترك له الحبل على الغارب، فيتركه يسيح كما يشاء، ويختلط بمن يفسده ويوقعه في مسكرات أو دخان أو ما أشبه ذلك من المنكرات والفواحش، والمقصود أنه لا يترك عند من لا يحفظه ويصونه ويقوم على شئونه.