من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
235167 مشاهدة
قتل الجماعة بالواحد

وتقتل الجماعة بالواحد.
ويقاد كل عضو بمثله إذا أمكن بدون تعدٍّ؛ لقوله تعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ إلى آخر الآية المائدة: 45 .


قوله: (وتقتل الجماعة بالواحد):
روي أن امرأة في صنعاء في عهد عمر-رضي الله عنه- غاب عنها زوجها في سفر، وترك ولذا له غلاما في نحو العشرين سنة أو الخمس عشرة، ثم إنها استدعت أناسًا يفجرون بها وخافت أن ولدها يدل عليها، فقالت لهم: اقتلوه، فقتلوه وألقوه في بئر، وهم سبعة، وجاء الخبر إلى عمر-رضي الله عنه- وعثر عليه، عند ذلك قبضوا عليهم وعرفوا أنهم القاتلون، فقال عمر رضي الله عنه: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به، فأمر بالسبعة فقتلوا بهذا الغلام.
فأخذوا من ذلك أنه يقتل الجماعة بالواحد وذلك حتى لا يكون حيلة، فلو لم يقتل إلا واحد لاتخذه الناس حيلة أو لو لم يقتل منهم أحد، فيشترك مثلا عشرة في قتل إنسان؛ هذا طعنه طعنة صغيرة وهذا طعنة وهذا طعنة؛ عشر