إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
279487 مشاهدة print word pdf
line-top
حد التعزير

والتعزير واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة.
ثالثا: التعزير:
قوله: ( والتعزير واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة):
تكلم العلماء في التعزير حتى أفرده بعضهم بالتأليف، فقالوا: كل معصية ليس فيها عقوبة مقدرة فإن فيها التعزير حتى ترك الصلوات ومنع الزكوات وترك الجماعة مثلاً، والسرقة التي لا تبلغ حد النصاب، والخلوة بالأجنبية إذا لم يثبت عليه فعل الفاحشة، كل ذلك فيه التعزر.
كذلك أيضا الاختطاف والاختلاس وضرب المسلم بغير حق دون أن يشجه أو يقطع منه طرفًا، وكذلك المعاصي كلها؛ كتعاطي الربا وسماع الأغاني وما

أشبهها من المعاصي فيها التعزير.
والتعزير يختلف باختلاف الذنب، فقد يبلغ القتل أحيانًا، فيكون هذا للإمام إذا رأى أن المصلحة العامة في قتله فله ذلك، وقد يكون التعزير بطرده من وظيفته مثلاً أو بحبسه، أو بجلدات يجلده بها، أو بتنكيله مالاً، أو بعقوبات تشهره أو يشتهر بها، كأن يقاد في الأسواق، ويقال: هذا شاهد زور هذا قد شهد زورًا أو نحو ذلك.
وقد منع العلماء من التعزير بالأشياء التي لا تصح شرعًا وإن كان بعضهم قد يعزر بها، فلا يعزر بحلق اللحى؛ لأن ذلك يحرم شرعا، ولأن القصد من التعزير الزجر عن الذنب.

line-bottom