شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
283513 مشاهدة print word pdf
line-top
حد السرقة

ومن سرق ربع دينار من الذهب، أو ما يساويه من المال من حرزه: قطعت يده اليمنى من مفصل الكف، وحسمت.
فإن عاد قطعت رجله اليسرى من مفصل الكعب، وحسمت.
فإن عاد حبس، ولا يقطع غير يد ورجل، قال تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا المائدة: 38 .
وعن عائشة -رضي الله عنها- مرفوعا: لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعدًا متفق عليه .
وفي الحديث: لا قطع في ثمرٍ ولا كَثَر رواه أهل السنن .
رابعا: حد السرقة
قوله: (ومن سرق ربع دينار من الذهب، أو ما يساويه من المال من حرزه: قطعت يده اليمنى من مفصل الكف، وحسمت):
اشترطوا أن يكون المسروق نصابًا وقدره ربع دينار، وهو ما يعادل سبع الجنيه السعودي أو ما يساويه من المال، يعني إذا أخذ ثوبًا مثلاً يساويه أو طعامًا يساويه أو أوراقًا نقدية تساوي هذا النصاب، ولا بد أيضًا من شرط آخر، وهو: أن يكون من الحرز فإن كان أخذه وهو ملقى في الأرض أو في الطريق فلا قطع.
والحرز هو: المكان الذي يحرز فيه المال، كأن كَسَر الباب أو كَسَر القفل مثلا أو هدم الجدار حتى دخل، فأما إذا وجد المال على الرصيف وأخذه فلا يقطع؛

لأن صاحبه أهمله، وكذلك لو أخذه نهبا كما لو جاء إلى أصحاب البضائع المعروضة في الطريق وانتهب منها أو أخذه خفية بدون أن يتفطن له، فهذا من غير حرز.
والقطع يكون من مفصل الكف، وهو الذي بين الكف والذراع.
والحسم هو: أنه إذا قطعت غمست في زيت مغلي حتى يسد أفواه العروق، فإنه إذا لم تحسم يمكن أن يجري الدم فيموت، فلا بد أن تحسم حتى تسد أفواه العروق ولا يستمر خروج الدم، وفي هذه الأزمنة قد تعالج بما يسدها ويوقف جريان الدم.
قوله: (فإن عاد قطعت رجله اليسرى من مفصل الكعب وحسمت... إلخ):
يعني: فإن سرق مرة ثانية قطعت رجله اليسرى ليحصل القطع من خلاف أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ المائدة: 33 والقطع من مفصل الكعب، يعني:
تقطع القدم كلها ويترك الساق وتحسم أيضًا.
قوله: (فإن عاد حبس، ولا يقطع غير يد ورجل، قال تعالى:... إلخ):
يعني: فإن سرق مرة ثالثة فلا قطع، ولكن يحبس، فلا يقطع منه أكثر من يد ورجل؛ لأن في ذلك عبرة.
والدليل على قطع يد السارق قول الله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا المائدة: 38 .

وفي قراءة ابن مسعود: أيمانهما وهي قراءة تفسيرية.
ودليل اشتراط النصاب وأنه ربع دينار قول النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عائشة رضي الله عنها: لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعدا ، أي: كما زاد.
قوله: (وفي الحديث لا قطع في ثمرٍ ولا كَثَر ):
الثمر هو: ثمر الشجر، والكثر هو: الجمار، يعني: إذا جاء إلى نخلة وقطع رأسها وأخذ جمارها ولو كان ثمينًا فلا قطع عليه، والشحمة التي في رأس النخلة تسمى جمارًا وتسمى كثرًا كذلك.
وإذا دخل بستانًا وأخذ منه ثمرًا فأكله فمثل هذا لا قطع عليه، فمأذون له إذا مر ببستان ليس عليه حائط أن يأكل منه في فمه ولو لم يستأذن صاحبه ولكن لا يأخذ معه شيئًا، أما إذا كان عليه شباك أو عليه سور فلا يدخله.
وبهذا انتهى المؤلف -رحمه الله- من الكلام على السرقة.

line-bottom